بقلم:فرج بن مصطفى ( ناشط سياسي) تفاعلا مع مقال الأمة في مواجهة التطرف للدكتور صادق كاظم العراقي الصادر بمنتدى ا لحوار بمجلة العربي عدد722 يناير (جانفي 2019) وتعميما لفائدة ما جاء فيه إذ يقول: «يظلّ التطرف واحدا من أعقد الإشكالات التي أخذ يواجهها مجتمعنا الإسلامي بشكل خطير وذلك بعد أن أصبح هذا التطرف يمثل منحى ونهجا عنيفا مسلحا يقوم على مفاهيم أعمال التفجير الانتحارية واستهداف الأبرياء في المساجد والأسواق والساحات العامة، فضلا على تحول مناطق النزاع والتوتر في المنطقة إلى منجم لإنتاج التنظيمات الإرهابية المسلحة ومحاولتها السيطرة على المدن والمناطق المختلفة في كل من العراق وسوريا وليبيا وتونس ومصر واليمن والصومال والفتك الدموي الإجرامي بسكانها. كما يعيش المتطرف وهم الخلاص عن طريق الموت والانتحار تفجيرا تطبيقا لنظريات وفتاوى فقهية تفكيرية ولدت في ظل ظروف تاريخية مشوهة يقوم الإرهابي التفكيري المتطرف بالتأسيس على صحتها والأخذ بها كقاعدة في التعامل مع الآخرين. فمن الواضح أن الفكر المتطرف الإقصائي يظهر في الأوقات التي تتراجع فيها الحضارة ومناخات الفكر التعددي. حيث يصبح الطريق مفتوحا بوجه هذه الأفكار الظلامية التي تراهن على الأمية والجهل والتخلف لتمرير نظرياتها الإقصائية المشوهة البعيدة كل البعد عن قيم الدين الإسلامي الحنيف ومنظومته الأخلاقية الثرية بصور قبول الآخرو المساواة العالمية والإنسانية بين جميع الجنسيات والقوميات وفق قاعدة لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى وبناء على هذا خلص د. صادق كاظم إلى القول: هناك تساؤل يفرض نفسه لماذا ظهر التطرف في منطقتنا بكل هذه القوة وأصبحت مدننا ومساجدنا هدفا لكل إرهابي يقحم نفسه بحزامه الناسف والمفخخ موقعا بعدد كبير من الضحايا؟ وللإجابة عن ذلك قال إن المسألة تحتاج إلى جدل عميق يحتاج إلى متسع من الوقت لكنه أشار إلى بعض الأسس المهمة منها التي تقتضي التمحيص والتفعيل للتصدي للتطرف. 1) إن التطرف ينمو ويترعرع في أوساط الجهل والتخلف والفقر والبطالة. حيث يبرع دعاة الفكر في استغلال حالات الإحباط النفسي والاجتماعي لأفراد تلك المجتمعات وتحويلهم إلى قنابل موقوتة وخزان لتفريخ آلاف الإرهابيين. 2) الفهم الخاطئ للنصوص الدينية والفقهية والتفسير غير الدقيق لها، والتي تعطي انطباعا مزيفا بأن هذه النصوص تتطابق وتبرر السلوك المتطرف الدموي بحق الآخرين. 3) عدم وجود تقارب حقيقي بين بعض المذاهب الإسلامية المختلفة ضمن مؤسسات ثقافية وفكرية ومبادرات متواصلة معنية ثقافيا وفكريا واجتماعيا والتأكيد على المشتركات وتقديم تفسير عقلاني ومقبول للنصوص الفقهية والأحاديث موضع الإشكال والاختلاف بين الأطراف، إضافة إلى مراجعة الكتب المتخصصة بالفقه والأحاديث وإزالة كل ما يسيء إلى الآخر منها. 4) إغلاق الفضائيات والمؤسسات التي تبث الكراهية والبغضاء بين المسلمين وفق مواثيق ونصوص قانونية ملزمة لجميع الدول الإسلامية وإنشاء قنوات فضائية تعمل على إشاعة ونشر قيم التسامح بين المسلمين وقبول الآخر ونبذ العنف والإرهاب والتطرف وإشاعة مفاهيم الأخوة والمحبةوالتضامن بين المسلمين. 5) تجفيف منابع الإرهاب والتطرف محليا ودوليا وفق آليات تعاون وملاحقة أفكاره عبر برامج ثقافية واجتماعية تنهض بها الدول الإسلامية ومؤسساتها المعنية فضلا على إعادة تأهيل المجموعات المتطرفة التي لم تتلوث أياديها بدماء الأبرياء ممن يبدي رغبته في ترك العمل الإرهابي والعودة إلى المجتمع كأفراد مسالمين ومعتدلين. وتفاعلا مع ما احتوت عليه الأسس التي طرحها الدكتور صادق كاظم في مواجهة الأمة للتطرف أضيف بعض الأسس الأخرى الهامة لدرء أخطار هذه الآفة الانسانية أ) افتقارنا الى منظومة تربوية وثقافية تجمع بين الأصالة والتفتح لذا بات من المتأكد الانكباب من المصالح المعنية لاصلاح هاتين المنظومتين وفقا لروح العصر للحاق بالأمم الماسكة بناصية العلم والمعرفة. ب) استقالة العائلة النواة الأساسية للمجتمع والأسرة التربوية والمجتمع المدني وتخليها عن دورها الرقابي والتأطير للأبناء والبنات فلا بد على المعنيين بالأمر المبادرة بوضع استراتيجية مجتمعية لتدارك ذلك قبل فوات الأوان. ج) غياب العدالة الاجتماعية بمجتمعاتنا والمطلوب العمل على توزيع ثروات أوطاننا على الفئات والجهات بالعدالة بين أبناء الوطن الواحد حتى نجنب مجتمعاتنا ما يترتب عن الفوارق الاجتماعية من مخاطر وعلى رأسها خطر التطرف والارهاب الذي يتهدد اليوم الجميع. ولقد اقترح الدكتور صادق كاظم العراقي أن تكون الكويت مقرا لهذه المؤسسة الثقافية المتنورة، نظرا الى ما تتمتع به الكويت من سجل ثري وحافل في مجال الوحدة والتضامن بين المسلمين جميعا، وخلوّ أرضها من أي مواقف وأحداث مغايرة لذلك. إنه اقتراح صائب لا محالة أما أنا فأقترح أن تكون المملكة العربية السعودية باعتبارها أم المسلمين لاحتضانها الحرمين الشريفين مكةالمكرمة وزيارة روضة سيد الأنام وخاتم الأنبياء سيدنا محمد صلوات الله عليه وسلامه بالمدينة المنورة أن تكون أرض الحجاز المقدسة مقر مؤسسة دينية وتنموية وتربوية وثقافية متنورة تضم كل الدول الإسلامية لاجتثاث التطرف بالمجتمعات الإسلامية. وإننا على يقين أن المملكة ستنجح في ذلك بفضل تشبعها بثقافة إسلامية معتدلة وسمحة وتفتحها على العصر وإرادتها الإصلاحية الشجاعة والنيرة في جميع المجالات الحياتية بالمملكة وخارجها ليظل ديننا الإسلامي بعيدا عن كل ما يرتبط بالإرهاب والتطرف ومعاداة الآخر وإباحة دمائه وعرضه وماله. بل يظل جامعا إنسانيا عظيما وفق مفاهيم الشرائع والأنبياء التي تؤكد على العدالة والأخوة والإنسانية بين الجميع كما ختم الدكتور صادق كاظم العراقي مقاله وبهذا وبما اقترحناه على خادم الحرمين الشريفين والذي نتمنى أن ينال رضاه والإذن بتجسيم محتواه خدمة للإسلام والمسلمين وقد اختار الله منذ الأزل أن تظل المملكة السعودية بيتا آمنا للسلمين جميعا إلى يوم الدين بإذنه تعالى.