شكّل قرار مجلس بلدية باردو القاضي بإيقاف أشغال شبكة القطار السريع أول حادثة اصطدام بين القانون الجديد للجماعات المحلية ومسؤولية الدولة في تقدير المصلحة العامة غير القابلة للتجزئة. تونس (الشروق) القرار الذي اتخذه مجلس بلدية باردو مؤخرا سيؤدي في حال تنفيذه الى شلّ شبكة القطار السريع برمّتها حيث أن قسط الأشغال المعني بهذا القرار يتعلق بإمدادات الطاقة الكهربائية وهو ما يعني تأجيل بداية تشغيل خط الزهروني المقرّر لهذه الصائفة الى أجل غير مسمّى والتقليص من فرص تدارك التأخير الحاصل في مدّ خط القباعة (وادي الليل) بفعل فسخ العقد منذ نحو عامين مع شركة المقاولات الايطالية التي كانت حصلت على القسط الأكبر من أشغال الخط. وبالنتيجة يدفع قرار مجلس بلدية باردو نحو تعميق معاناة أكثر من مليون من سكان ولايتي تونس ومنوبة عبر تأبيد انتظار شبكة القطار السريع التي كان يفترض أن تدخل طور الخدمة عام 2013 خصوصا وأن الدراسات التنفيذية كانت استكملت منذ سنة 2009 وجرت بمشاركة كل الأطراف المتدخلة بما في ذلك المجالس البلدية، كما لم تتخذ النيابات الخصوصية المتداولة على المجالس البلدية بين جانفي 2011 وماي 2018 قرارات مماثلة بوقف هذا المشروع العملاق الذي تبلغ كلفته 1100 مليون دينار. اعتراض المتساكنين في هذا الاطار أكّد صابر بن يونس أن النيابات الخصوصية السابقة لم تتخذ قرارا مماثلا لأنها لا تستمد سلطتها من الشعب خلافا للمجلس البلدي الحالي الملزم قانونا بالدفاع عن مصالح المتساكنين، مشيرا أن القرار الأخير عبر عن رفض المتساكنين لمشروع يهدد بتقسيم مدينة باردو الى شطرين الأول فيه كل مظاهر الحياة والثاني يغرق في السبات Dortoir. استعداد للجوار كما أشار الى أن شركة القطار السريع لم تتفاعل سابقا بالجدية المطلوبة مع هذه التطلعات مؤكدا أن القرار الأخير للمجلس البلدي يدعو الشركة الى الجلوس على طاولة الحوار بإيجاد حلول توفق بين التطلعات المشروعة لسكان مدينة باردو والبعد الوظيفي لشبكة القطار السريع. في المقابل أكّد مراد القصّاب الرئيس المدير العام لشركة القطار السريع أن البعد الوطني الهام لهذا المشروع الأول من نوعه والذي عرف تباطؤا كبيرا خلال السنوات الأخيرة تقتضي عدم إيقاف الأشغال خصوصا وأن القسط المعني بقرار مجلس بلدية باردو لا يؤثر فحسب على خط وادي الليل وإنما أيضا على خط الزهروني المقرّر تشغيله لهذه الصائفة حيث يتعلق بتأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتشغيل الخطين انطلاقا من محطة لتوليد الكهرباء بوادي الليل. البلديات السابقة لم تغيّب كما أعلن أنه بالتوازي مع تواصل تنفيذ الأشغال تمّ الاتفاق مع مجلس بلدية باردو على الدخول في مفاوضات لإعادة دراسة مشروع نفق السيارات خصوصا وأن انطلاق أشغال هذا الأخير مبرمجة للصائفة القادمة مشيرا الى أن النفق هو من المكونات الأساسية لمشروع القطار السريع الذي استكملت بشأنه كل الدراسات التنفيذية منذ سنة 2009. وتابع ر. م. ع شركة القطار السريع أن كل مراحل المشروع منذ انطلاق الدراسات عام 2002 أشرفت عليها لجنة قيادة شملت كل الأطراف المتدخلة بما في ذلك المجالس البلدية. بالنتيجة عمّقت الأزمة التي خلقها قرار مجلس بلدية باردو استنتاجات سابقة بكون القانون الجديد للجماعات المحلية الذي يوصف بقانون «بريمر» لتقسيم العراق سيحوّل تونس الى مقاطعات مستقلة بذاتها ينتفي في ضوئها مفهوم «الدولة» بل لا يستغرب أن تطالب المجالس البلدية مستقبلا بمداخيل الفسفاط والنفط.