يصدر خلال هذا الأسبوع، الكاتب والباحث التونسي، حاتم التليلي محمودي، كتابا جديدا بعنوان «مسائل في اللاهوت المسرحي»، عن دار ميارة للنشر. ويمتد الكتاب على ما يقارب 150 صفحة. وعن هذا الكتاب الجديد قال حاتم التليلي محمودي في تصريح ل»الشروق»، إن كتابه، كما يشير إلى ذلك عنوانه، يهتمّ بالشأن المسرحي والثقافي بشكل عام. وجاء في شكل سلسلة من المقالات الرافضة لوحشية وجودنا المسرحي وضراوة المشهد الفنّي. وأكد محدثنا، أنه ككاتب لا يسعى في «مسائل في اللاهوت المسرحي»، إلى تقديم أجوبة عن بعض الاشكالات الراهنة، بقدر ما يسعى إلى قول المسكوت عنه بشكل فيه غير القليل من الاشتباك المسرحي، عن سرّ غيبة النقاد والشعراء والآلهة التي تمّ اعلان تأبين ميتافيزيقي لها خارج كروم الفعل المسرحي. ويتساءل بالقول في متن الكتاب: «ماذا بوسع الفن المسرحي أن يقدم لشعوبنا الآن؟» وتابع التليلي في ذات السياق، قائلا: «ثمة سوء استنطاق للكارثة، وثمة مواجهة لا مقاومة، وثمة قحط فكري، وثمة تخاذل أيديولوجي، وثمة انحطاط أخلاقي! ثمة أيضًا لامبالاة وقحة وفي غاية الصفاقة: خضوع لمنطق السوق وتبضيع الفن وزجه عند حدوده التجارية. ليسوا مسرحيين، بقدر ما هم بروليتاريا رثة تمتهن المسرح. وليس ثمة مسرح، بقدر ما هي أعمال تدّعي انتسابها لهذا الفن. وليس ثمة أعمال مسرحية، بقدر ما هي حملات تبشيرية، لفكرة سياسية شاذة وقميئة، يدلي بها ممثلون على الأركاح. وليس ثمة ممثلون بقدر ما هم ذوو احتياجات خصوصية. وهمهم الوحيد انتهاء العرض كيفما كان مقابل مبلغ زهيد، لا يكفي حتى لإيجار رقعة جغرافية لقبر محدود الوقت». كانت هذه الصدمة أو الرجة الأولى التي أحدثها الكاتب في مؤلفه الجديد وتحدث عنها ل»الشروق»، ليعود إلى نفس السؤال: «ماذا بوسع المسرح أن يقدم لشعوبنا الآن؟». ويؤكد لاحقا، أن ثمة ضرورة ملحة لإعادة كتابة التاريخ، وثمة ضرورة ملحة لتفكيك كل هذا الالتباس والتعقيد، وضرورة ملحة لإدانة راهن العالم، واستنطاق المستقبل. وأضاف: «ثمة -أيضًا- وعي مرضي يجب أن يكون تجاوزيًا، ورهانات علمية وتقنية وأخرى فكرية وفلسفية عليها أن تخرج من حلبة الحياد، وولاء فكري يجب أن يتحول إلى عصيان أنطولوجي وثوري... فالمسرحيون هم أبناء جديون للتاريخ، هم أول الشعراء الذين كتبوا محن البشرية على الأرض، وهم أول المحاربين الذين رفضوا جدب السماء. وحرضوا على الخصب منذ أزمنة الجدب العظيم».