مازالت الإدانات وعبارات الشجب تتقاطر من دول العالم تنديدا بمذبحة نيوزيلندا التي هزت الرأي العام الدولي. وهو ما دقّ ناقوس الخطر من انتشار الإسلاموفوبيا التي لم تعد ظاهرة منحصرة في مناطق معينة. عواصم(وكالات) وارتفعت حصيلة الهجوم على مسجدين في مدينة كرايست تشرتش النيوزيلندية لتصل الى 51 قتيلا وعشرات الجرحى. والحصيلة مرشحة للارتفاع. ولم يكن من المتوقع أن تحدث هذه العملية الارهابية في دولة كنيوزيلندا المعروفة بمستوى كبير من التعايش والبعيدة حتى الآن عن لائحة المناطق التي بات فيها موضوع الإسلاموفوبيا وعداء الأجانب يشكل تحديا حقيقيا. وقد زادت طريقة تنفيذ العملية الارهابية والصور المنتشرة للهجوم العنيف من موجة الصدمة والاستياء عبر العالم. ووصفت رئيسة الوزراء النيوزيلندية يوم الهجوم بأنه يوم أسود في تاريخ بلادها. وبينما رفعت نيوزيلندا درجات التأهب الأمني إلى أعلى مستوياتها وأغلقت الشرطة المساجد، هيمن من جديد النقاش حول تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب. و ندد الأزهر في مصر بالهجوم الذي قال إنه «يشكل مؤشرا خطيرا على النتائج الوخيمة التي قد تترتب عن تصاعد خطاب الكراهية ومعاداة الأجانب وانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا في العديد من بلدان أوروبا، حتى تلك التي كانت تعرف بالتعايش الراسخ بين سكانها». كما حمل مفتي أستراليا ونيوزيلندا «الحشد السياسي والإعلامي لليمين المتطرف» مسؤولية الهجوم. كما طالب الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بالعمل سريعاً على المستوى الدولي لمعالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا، حسبما نقل عنه المتحدث الخاص. ويقول رامون فريدريش وهو خبير ألماني في قضايا اليمين المتطرف في حوار ل»دوتشيه فيله» عربية إن هذا يندرج ضمن «طابع العولمة في شتى المجالات في عالمنا بما في ذلك التطرف. وقد عزز من ذلك الإنترنت. إذ لم يعد هناك مكان بعيد عن تأثير الخطابات العدائية. كما أن الجماعات المتطرفة تستغل شبكة الإنترنت لنشر هذه الخطابات والتواصل في ما بينها واستقطاب متعاطفين جدد في كل أنحاء العالم». أما نبيل يعقوب الخبير في شؤون الهجرة والمتحدث باسم مبادرة لتمثيل مصالح المهاجرين في ولاية ساكسونيا الألمانية، فيقول إن «الهجوم مدروس. ونفذ لتحقيق أهداف سياسية أهمها تمزيق مجتمع معروف عالميا بنسب كبيرة من التنوع والتعايش والانفتاح. ولم يعرف عنه وجود توترات أو نزاعات داخلية. كما أن الهجوم يعتبر انعكاسا كذلك لظاهرة الإسلاموفوبيا المنتشرة في العالم عموما». وبدوره يرى الخبير الألماني أن الخطابات التي تنشرها الجماعات والأحزاب المتطرفة في الاتجاهين (اليمين واليسار) تلعب دورا في ذلك، خاصة أن وسائل التواصل والإعلام المتاحة بكثرة اليوم تتيح لهذه الجهات نشر خطاباتها بسهولة واستقطاب متعاطفين جدد. ويضيف الخبير الألماني أن «الخطير كذلك في هذا الهجوم هو أنه سيزيد في حدة التطرف على الجهة الأخرى. إذ سيعطي حججا أكبر للمتطرفين الإسلاميين لتنفيذ هجمات جديدة ضد أهداف غربية وتصوير الغرب كله على أنه العدو الأكبر والغرق في دور الضحية» على حد وصفه. ويوضح بالقول «إن ذلك سيسهل من استقطاب متعاطفين جدد وتجنيد من هم مستعدون لتصديق فكرة أنه يجب على المسلمين الدفاع من الغرب» على حد تعبيره. وهو ما يعني بحسب الخبير، المزيد من التوتر والاستقطاب من الجانبين. وحققت الأحزاب اليمينية نجاحات كبيرة في القارة العجوز مستفيدة من احتدام الجدل حول موضوع اللاجئين في السنوات القليلة الماضية. ويتوقع أن تحصل هذه الأحزاب على نتائج جيدة قد تجعل منها الفائز الأكبر في انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجري في غضون بضعة أشهر.