من جملة 8 ملايين مواطن يحق لهم التصويت، يقبع 3 ملايين و 200 ألف خارج السجل الانتخابي. ويتشبث أغلبهم بالعزوف عن الاقتراع لأسباب متعددة باتت تدفع الى تكثيف الجهود لضمان مشاركة واسعة تكفل نجاح العملية الانتخابية القادمة. تونس الشروق: ويكمن مفتاح نجاح العملية الانتخابية في كل ديمقراطيات العالم في كثافة تسجيل المواطنين في الانتخابات ودفعهم نحو السلوك المواطني الذي يربط حق الاقتراع بواجب المواطن في المشاركة في القرار بداية من التصويت. ولئن ذهبت بعض الدول الديمقراطية على غرار اسبانيا في جعل التسجيل في الانتخابات واجبا وطنيا يعاقب المتخلفين عنه فإن التجربة التونسية تركت حق التصويت إراديا ، ومع تواصل عزوف المواطنين عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية بات من الضروري تكثيف حملات التوعية والدفع نحو التسجيل بكثافة. فهل استعدت تونس كما ينبغي للتعاطي مع هذا الملف ؟ أسباب العزوف ولمعالجة ظاهرة العزوف كان لا بد من تحديد أسبابها الرئيسية لمعرفة التوليفة المناسبة لتلافيها ومختلف الاطراف المتداخلين في العملية ومختلف الصعوبات التي تواجههم وماهية أدوارهم في توجيه المواطنين في الاقبال على صناديق الاقتراع بكثافة وتغيير الواقع. ومن بين العوامل المغذية لعزوف المواطنين عن الاقتراع كما يبرزها الخبير في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في تصريحه ل«الشروق» حالة اليأس العامة وفقدان الأمل لدى المواطنين جراء الاداء السياسي المهزوز الذي انبنى على الصراعات المنفرة والمصالح الشخصية الضيقة التي زادت في كره التونسي للسياسة والسياسيين. وأسباب العزوف متعددة منها ايضا ما هو موقف سياسي رافض لكل النخب التي تؤثث المشهد السياسي الحالي . كما يتقاطع هذا المعطى وفق محمد الضيفي مع عوامل أخرى كعدم توفر الآليات الضرورية لتشجيع المواطنين على التسجيل في الانتخابات على غرار صعوبة العملية في الارياف النائية وقلة مراكز التسجيل في الخارج وعدم حيازة العديد من النساء في الأرياف بطاقات التعريف الوطنية علاوة على ضعف حملات التوعية وغيرها من الاسباب. وتضاف الى العوامل الداخلية، عوامل أخرى خارجية تتعلق بأزمة الديمقراطية التمثيلية في العالم حتى أن نسب العزوف عن الانتخابات باتت تضرب أعتى ديمقراطيات العالم نتيجة عجز الخطاب الرسمي عن إقناع الناخبين بضرورة المشاركة. وهو الامر الذي أدى الى بروز أنشطة المجتمع المدني ووسائل الاعلام في لعب دور مهم في سياق حث المواطنين على الاقتراع. تغيير الخطاب الاتصالي ومن جهتها تلخص الخبيرة في الشأن الانتخابي في منظمة "أنا يقظ" فدوى العوني في تصريح ل«الشروق» الصعوبات التي تعترض عملية التسجيل في الانتخابات في استراتيجيات الاتصال المتبعة لإقناع الناس بالتسجيل لاسيما أن أغلبهم يرفض المشاركة لاعتبارات متعددة من بينها شعورهم بعدم الانتماء وإحساسهم بالتهميش. وترى فدوى العوني أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات باتت مدعوة الى مزيد تنسيق العمل مع المجتمع المدني ووسائل الاعلام لتنفيذ حملات توعية ناجعة ترتكز على خطاب مسؤول وقريب من المواطن. ومن الضروري أيضا التكثيف من القافلات والمراكز المتنقلة في الجهات وخاصة منها الأرياف والمناطق النائية لتسجيل المواطنين. فهل استعدت هيئة الانتخابات لهذا الملف ؟ هيئة الانتخابات على المحك ومن جانبه قال عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي في تصريحه ل‹›الشروق›› أن عملية التسجيل للانتخابات في التشريعية القادمة ستنطلق يوم 10 أفريل القادم مشيرا الى أن عملية التسجيل المستمر متواصلة وأن الهيئة على أتم الاستعداد لإطلاق حملة واسعة في الغرض. وإنها ستنتدب 3 آلاف عون لهذه المهمة مع تكثيف الحملات على وسائل التواصل الحديثة. وأوضح البرينصي أنّ هيئة الانتخابات ستركز مراكز متنقلة في الفضاءات الكبرى وفي المعاهد وستنتقل الى الأرياف لتقريب عملية التسجيل من أوسع نطاق ممكن من المواطنين لافتا النظرالى أنّ الهيئة تسعى الى تكوين نادي صحافة لتحقيق إسهام وسائل الاعلام في التوعية وكذلك تعزيز حضور المجتمع المدني في إنجاح المشاركة الواسعة في الانتخابات. ولفت البرينصي النظر الى أن توعية المواطنين بضرورة التسجيل في الانتخابات ملف لا يهم الهيئة فحسب والدور موكول أيضا الى مختلف مؤسسات الدولة لتعميق السلوك المواطني على الرغم من الصعوبات المتعلقة بأداء السياسيين المنفر. في المحصلة ولئن كانت مؤسسات الدولة مدعوة الى مضاعفة الجهود في سياق توعية المواطنين بضرورة المشاركة فإن المواطنين أنفسهم يتحملون مسؤولية هامة في الوعي بضرورة المشاركة ان هم ارادوا حقا تغيير الواقع؟ أحزاب متورطة يؤكد المختص في علم الاجتماع سامي نصر أن العزوف عن الانتخابات نتاج ارادة سياسية. حيث أن بعض الاحزاب السياسية المهيمنة استقطبت ناخبيها في الاستحقاقات السياسية الماضية من خلال «الثقافة الانتقامية والعداء».وتسعى دوما الى اختلاق المعارك الوهمية التي مكنتها من تكوين رصيد انتخابي تسعى اليوم الى إعادة انتاجه دون حاجة الى اي مكون من ضمن الأغلبية الصامتة ولهذا لا تبذل جهودا في سياق توعية المواطنين بأهمية التسجيل.