بعد إعلان الرئيس الامريكي دونالد ترومب رسميا عن القضاء على تنظيم داعش الارهابي في سوريا، باتت التساؤلات تدور حول كيفية مواصلة «داعش» لأنشطته الارهابية بالإضافة الى وجهته المقبلة. في هذا التقرير نسلط الضوء على هذا الموضوع. تونس(الشروق) بعد تفككه العسكري بالمفهوم التقليدي يتجه تنظيم «داعش» الارهابي الى استراتيجية جديدة تقوم على الخلايا النائمة للقيام بعمليات انتحارية وبالتالي النشاط من «تحت الأرض» بالإضافة الى اعتماده الكبير على الذئاب المنفردة. وبناء على تقارير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في لاهاي، فإن بنية الإرهاب في العقد الثاني من الألفية الجديدة شهدت عملية لا مركزية واضحة من خلال ظاهرة الذئاب المنفردة، كما أصبح متعذراً القبض على الجناة بفعل اللامركزية. ومن خلال مراقبة نشاط تنظيم «داعش» على الصعيد الدولي فإن منهجية الذئاب المنفردة ظهرت من خلال عمليات الدهس والطعن والتفجيرات في بروكسيل وبرلين وستوكهولم ولندن وباريس، وشكلت خروج منفذيها من الإطار التقليدي إلى غير تقليدي واستخدام أدوات تعد جزءا من حياتنا اليومية، أدوات سهلة الحصول عليها وغير مكلفة، كسكين ومطرقة أو أداة حادة، أو أدوية تستخدم كمواد سامة، ولكن الأهداف صعبة ومؤثرة. وبالتالي فإن ظاهرة الذئاب المنفردة تقوم بإنهاك الأجهزة الأمنية وإحباط استراتيجيتها الوقائية ضد الإرهاب وبالتالي كسر حلقاتها وإجراءاتها الاحترازية، فالذئاب أشبه بخلايا نائمة أو أسراب عشوائية. وعلى الرغم من التراجع الذي شهده تنظيم «داعش» الإرهابي في المنطقة الفترة الأخيرة، والذي قدره خبراء في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سي أي إيه» بنحو 83% مقارنة بذروة نشاط التنظيم في العام 2015، من حيث النشاط الإعلامي والدعائي، يسعى التنظيم لإعادة التموضع من جديد في مناطق جديدة في العالم بعد الهزيمة التي لقوها في سوريا والعراق، والتي تجسدت في الفلبين وبعض الدول الإفريقية أيضًا. وارتفعت وتيرة انتقال عناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي إلى أراضي الفلبين في الأشهر القليلية الماضية، وفقًا لما رصدته أجهزة الأمن الفلبينية. ونقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية انضمام ما بين 40 إلى 100 مقاتل من داعش إلى التنظيم في جنوبالفلبين خلال الأشهر ال12 الماضية، وأن معظم القادمين جاءوا من البلدان المجاورة للفلبين مثل إندونيسيا وسنغافورة، كما قدموا من بلدان شرق أوسطية. وفي القارة السمراء، لا يزال الأمل يراود «داعش» في تعزيز وجودها في الصومال من خلال العمل المسلح واجتذاب الموالين من بين آلاف المزارعين الفقراء في الريف، فما هي طرق الانتقال للتنظيم الإرهابي؟ وإلى أين سيتجهون في إفريقيا؟. وترى الكثير من التحليلات والتقارير السياسية التي تتحدث عن المعركة التي تقودها «قسد» ضد آخر معاقل تنظيم «داعش» في مخيم الباغوز شرقي سوريا، أن الأمر لا يتعدى مشاهد إعلامية يتم تسويقها للتغطية على عمليات نقل عناصر التنظيم إلى مناطق أخرى وبمسميات جديدة. ويقول حسام شعيب، الخبير السوري في شؤون التنظيمات المسلحة مثلا، أن تنظيم «داعش» هو ورقة رابحة تستثمر فيها الولاياتالمتحدةالأمريكية في كل أرجاء المنطقة، وما يجري الآن في مخيم «الباغوز» هو بطولات وهمية لإعطاء انطباع للرأي العام السوري أو الخارجي بأن «قسد» المدعومة أمريكيا، قامت بالقضاء على التنظيم شرقي سوريا. ويشير الخبير إلى أن أمريكا قد وجدت بؤرة جديدة في العالم، وبشكل خاص في شمال افريقيا والداخل الفلسطيني وفي شبة جزيرة سيناء، وزرع «داعش» في الداخل الفلسطيني ليس المقصود به الكيان الصهيوني، وإنما الإخلال بعدالة القضية الفلسطينية، كما يتم نقل بعض العناصر إلى بعض دول الاتحاد السوفييتي السابق، لاستخدامهم كورقة ضغط على الاتحاد الروسي. ويوضّح شعيب، أن أمريكا لا تتخلى عن قيادات «داعش» التي أصبحت لها خبرة كبيرة في الحروب والقيادة واستخدام التقنيات الحديثة، التي لا يمكن أن تتاح لأي تنظيم بتلك السهولة، بجانب توفير البيئة الملائمة لهم لإتقان استخدام تلك الأسلحة.