يتزايد الاهتمام العربي والدولي خلال هذه الأيام بتطورات المعارك الضارية التي يخوضها أكراد سوريا بدعم امريكي ضد بقايا مقاتلي تنظيم «داعش» في مدينة الباغوز شرق سوريا ، حيث أعلن الرئيس الأمريكي مساء أمس رسميا عن نهاية هذا التنظيم الدموي. وأصبح وجودهم يقتصر على ما يسمى بالذئاب المنفردة . ولكن السؤال الاهم في هذه المرحلة هو أي مستقبل لهذا التنظيم ؟ وما هي وجهة مقاتليه القادمة بعد انتهاء مهامهم في الشرق السوري ؟ ورغم أن التحليلات العسكرية والقراءات الاستراتيجية للوجهة القادمة لمقاتلي تنظيم داعش تختلف من طرف الى آخر ،الا ان المؤكد أن أعدادا غفيرة من هؤلاء المقاتلين بصدد اعادة الانتشار في مناطق أخرى وفق الرؤية الامريكية الجديدة لمستقبل الصراعات التي ستخوضها. فبعض المسؤولين الأمريكيين أكدوا خلال الفترة الماضية ان تنظيم داعش بصدد الزحف من سوريا الى الاراضي الليبية. وهو ما صرح به وزير خارجية الولاياتالمتحدةالأمريكية مايك بومبيو في أوائل شهر فيفري الماضي. والمريب في هذا التصريح الامريكي هو الطريقة التي تنقل بها هؤلاء الدواعش من مدينة محاصرة شرق سوريا الى مناطق أخرى في ليبيا أو في أفريقيا . فهذه الضبابية في تنقل الدواعش من مكان الى آخر ،رغم الاستنفار العسكري الأمريكي، جعلت واشنطن في مرمى الاتهامات بتأمين تنقل هؤلاء الإرهابيين وحمايتهم . وفي هذا الاطار اتهمت كل من روسيا وايران الولاياتالمتحدةالأمريكية بالإشراف على تحرك الإرهابيين في سوريا والوقوف وراء أنشطة هذا التنظيم الدموي واستعماله كأداة لتدمير الدول وخلق الفوضى في المنطقة . اذن -كما ذكرنا- إن الجانب الأمريكي صرح رسميا بتنقل «الدواعش» من سوريا الى ليبيا. لكن بالمقابل كشفت بعض التقارير الاستخباراتية الدولية أن وجهة الارهابيين القادمة ستكون موزعة بين دول البلقان وغرب أفريقيا ، وأفغانستان وكذلك بعض المناطق الآسياوية . ويبدو أن المتتبع لمسار نشأة تنظيم داعش منذ سنة 2014 في الموصل العراقية يكتشف أن السياسة الأمريكية لمكافحة هذا التنظيم تقتصر على نقل هؤلاء الارهابيين من رقعة جغرافية الى أخرى. فمثلا بعد الموصل ثم الرمادي في العراق تم نقل هؤلاء الدواعش الى سوريا . ويتشابه السيناريو السوري مع نظيره العراقي. فبعد احتلال الدواعش للرقة وجعلها عاصمة لإجرامهم ، اقتصرت الخطة الأمريكية على نقل الدواعش من محافظة الى أخرى وصولا الى مدينة الباغوز التي شهدت آخر المعارك ضد هذا التنظيم الارهابي . وفي العموم يبدو أن أمريكا قد وظفت تنظيم داعش الإرهابي وفق مصالحها. وحققت به خططها المرسومة والمتمثلة في تدمير الدول العربية والاستفادة من خيراتها وثرواتها الطبيعية . لكن هذه الفوضى العارمة التي أحدثتها واشنطن في المنطقة قد ترتد يوما ما عليها ،وعلى كل الأطراف التي ساهمت في ارتكاب هذه الكوارث والمجازر في الوطن العربي.