تنفس التونسيون الصعداء بنزول أمطار مارس بكميات هامة وقياسية في كل مناطق البلاد واستبشر الفلاحون بصابة جيدة حد الاحتفال بها بالذبائح واهتمت الهياكل المعنية بالإعلان عن نتائج الكميات المجمعة .والسؤال هل هي كافية وكيف نثمنها؟ تونس- الشروق زهير الحلاوي اخصائي في علم المناخ بجامعة تونس وعضو الجمعية التونسية للتغيرات المناخية والتنمية المستديمة قال في حديثه ل:"الشروق" انه وفقا لمعطيات الرصد الجوي تتراوح كميات امطار مارس بين 100 مليمتر في اقصى الشمال ودون 10 في اقصى الجنوب الغربي وتتوزع ايام المطر بين 4 ايام فقط (مثل توزر) و13 يوما مثل ( طبرقة وعين دراهم) واضاف خلال شهر مارس الجاري حصلنا الى حد يوم امس على كميات قريبة من المعدل في بعض المحطات ومحطات اخرى تجاوزت المعدل مثلا باجة معدل شهر مارس 62.8 مليمتر وسجلت الى يوم امس 109 مليمترات وبالتالي فاقت المعدل ب74 بالمائة وعموما البلاد التونسية تحصلت على كميات امطار تتجاوز نسب معدل الشهر لتبلغ 136 بالمائة. . واشار الى ان هذه الامطار كانت تتوزع على كامل البلاد التونسية وهو ما مكن من تجاوز النقص الكبير في الماء الذي اشتكت منه تونس خلال ال3 سنوات الاخيرة وانعكست ايجابا على مخزون السدود التي تجاوزت 80 بالمائة من طاقة التعبئة حيث بلغت نسبة الامتلاء بسد سيدي سالم 96 بالمائة يوم امس وسد البراق 100 بالمائة مما ادى بالجهات المسؤولة الى " تنفيس " السد للحفاظ عليه كمنشأة. وردا على سؤالنا كيف سيتم تثمين مياه مارس قال الحلاوي" امطار مارس هو ذهب خالص وبالتالي كيفية التصرف في هذا الذهب تتطلب ثلاث فرضيات: 1 تركها مخزنة للفترة القادمة وخاصة الصيف حيث يكثر الطلب على الماء . 2 تمكين الفلاحين من استغلالها دون تقدير الحاجيات المستقبلية في الصيف وبعده. 3 تخزين الماء وتوزيعه بين السدود لانها مترابطة وفي نفس الوقت تمكين الفلاحين من استعمال الماء وايضا الاستعمال الحضري بصفة عامة من صناعة وسكان ". وأفاد اننا في تونس دائما نعتمد الفرضية الثالثة وهي مرتبطة بالصيف حيث ذروة الاستهلاك مقابل انعدام نزول الامطار او نقصها. وعرج على وجود فرضيات اخرى يمكن اعتمادها وتتمثل في تخزين المياه في الابار وعوض ان تتبخر تنصهر في المائدة المائية ويتم استخراجها عند الحاجة وهي من الطرق الناجعة جدا. تبذير وسوء استغلال عرفت بلادنا سنوات عجافا وبتنا مهددين أكثر بالعطش مستقبلا والسؤال الذي يفرض نفسه هل تجاوزنا مرحلة الخوف بالأمطار الاخيرة وامتلاء السدود خاصة سد سيدي سالم ؟ واجابة عن سؤالنا قال اخصائي علم المناخ "صحيح انه في تونس لدينا نسبة هامة من الماء لكن عندما نوزعها على عدد السكان يصبح لدينا فقرا مائيا ووفقا لدراسات منظمة الاغذية والزراعة " الفاو" المواطن التونسي يحتاج الى ألف متر مكعب في السنة بينما حاليا يستهلك 450 مترا مكعبا تقريبا و83 بالمائة من المياه سيتم استغلالها في الفلاحة و15 بالمائة للاستهلاك المنزلي والصناعة و2 بالمائة للسياحة . وبخصوص الفلاحة هناك دراسات تؤكد انه إضافة الى انها من اكبر المستهلكين الا انها ايضا من اكثر المبذرين وتصل النسبة الى 40 بالمائة وهنا لابد من سن عديد الإجراءات لتفادي التبذير واعتماد تقنيات عصرية مقتصدة للماء فضلا عن عقلنة استعمال المياه الموجودة مثلا في المجال الحضري بتشجيع الناس على جمع مياه الامطار بالطرق التقليدية ك"الماجل" سواء للاستعمال المنزلي او الفلاحي ويمكن ادخال نص قانوني يفرض على الباعث العقاري بناء ماجل بصفة خاصة في المناطق شبه الجافة وتتصف بالطلب الكبير على الماء. ويمكن ايضا لتوفير الماء وفق محدثنا وهي الطريقة الافضل بالنسبة اليه تحلية الموارد المائية سواء المالحة او مياه البحر لتحسين عرض الماء ولتفادي ارتفاع كلفة تحلية مياه البحر (الطاقة الكهربائية) يجب استغلال الطاقات المتجددة كالطاقة الشمية في عملية التحلية لتوفير الماء دون خسارة الطاقة وهذا يمكن ان يدخل ضمن المشاريع التي تمول من بنوك دولية معنية بالتصدي لظاهرة التغيرات المناخية . وختم بأن النجاح في التحكم في كميات المياه الموجودة يتطلب الحرص على التوازن بين العرض والطلب لأنّنا حاليا نحتاج الى حوالي 2217 مترا مكعبا للساكن الواحد في السنة بينما نوفر له450مترا مكعبا. عبداللطيف بوفايد فلاح ونقابي سابق ل«الشروق» أمطار هامة ولكن غير كافية قال الفلاح والنقابي السابق عبداللطيف بوفايد في حديثه ل:"الشروق" صحيح ان امطار مارس هي ذهب خالص ومهمة جدا للانبات وجميع الفلاحين استبشروا بها وكانت مؤشرا جيدا للصابة لانها هامة وضرورية و لكن في المقابل هي امطار غير كافية لتحقيق صابة ممتازة كما ونوعا والفلاح الذي اتبع حزمة فنية من ادوية واسمدة يحتاج ايضا الى امطار افريل حتى يكتمل نمو النبتة وتأخذ حبة القمح حجمها الطبيعي ونضمن بذلك جودة الصابة . واوضح ان انقطاع الامطار يؤثر سلبا على جودة الحبوب فتنعكس سلبا على سعر القبول بينما الفلاح ليس له اي ذنب ويفترض في مثل هذه الوضعيات ان تقوم المندوبيات الجهوية للفلاحة بمتابعة فلاحي الزراعات الكبرى وعدم تطبيق شروط سلم التعيير على كل فلاح التزم بالحزمة الفنية على الوجه الاكمل . وبخصوص التعويضات للفلاحين في حال اثرت التغيرات المناخية على الصابة افاد ان التعويضات في تونس هي مجرد شعارات وانه رغم اعلان وزير الفلاحة عن تفعيل صندوق الجوائح الطبيعية الا ان الشك في صدقه اكبر من اليقين والفلاح لن يحصل على تعويضات عكس ماهو معتمد في بقية القطاعات. وتساءل هل الفلاحة معتمدة كخيار اقتصادي ببلادنا مشيرا الى ان مشاكل القطاع الفلاحي ادت الى تخلي الفلاحين عنه لفائدة الزحف العمراني ومن الأمثلة المنطقة السقوية بمياه المعالجة ببرج الطويل التي تحولت الى منطقة سكنية من الطراز الرفيع وبناء عمارة سكنية في قلب الارض الفلاحية بمدخل قنطرة بنزرت.