تم نهاية الأسبوع الفارط اختتام برنامج «فكرة» الذي يعمل منذ سنوات على دعم فاعلين اقتصاديين محليين في جهة الشمال الغربي، وأن يجعل منهم قصص نجاح ملهمة لغيرهم من المواطنين في أنحاء الجمهورية التونسية .. وتكمن المهمة الرئيسية لهذا البرنامج في تشجيع الحق في المبادرة عبر تمكين فاعلين من المجتمع المدني في هذه من إنجاز مشاريع تسهم في تحسين ظروف عيش المتساكنين هناك بشكل مستدام. وتطمح «فكرة» مع شركائها إلى توليد ديناميكية لتدريب فاعلين محليين في هذه المناطق وتشجيع مهن رواد الأعمال .. وقد حصل هذا البرنامج على دعم مادي من منظمات دولية رأت في الانتقال الديمقراطي في تونس فرصة لتحقيق التنمية العادلة. وقد بلغ عدد المشاريع التي تم إنجازها بنجاح حوالي 60 مشروعا في اختصاصات متنوعة تم استعراض مجموعة منها مشروع تهيئة ووضع مسالك للمشاة، عين دراهم، جندوبة لرانية المشرقي. وهو يقوم على أن السياحة البيئية كانت قطاعا غير معروف كثيرا في تونس. وأثناء دراستها الجامعية نجحت رانيا المشرقي في جعل هذا الموضوع محور رسالة ختم دروسها الجامعية بكلية العلوم بتونس. وحين علمت بما يقترحه برنامج «فكرة» تقدمت بطلب. واستغلت الفرصة لتحقيق حلمها: إحداث مركز للسياحة البيئية في جهتها الأم، جندوبة مؤكدة أن المهم بالنسبة اليها أن يكون مشروعها مفيدا لمنطقتها وأن يثمّن إمكانياتها ومواردها، خاصة أنها تحتوي على ثروة طبيعية، وثقافية وإنسانية. وبفضل برنامج «فكرة» نجحت رانية المشرقي في تطوير مشروعها وإيجاد علاقات مع فاعلين اقتصاديين وممولين آخرين على غرار البنك الإفريقي للتنمية .. أما المشروع الثاني الذي لفت الانتباه فهو مشروع للشابة صابرين عمري لجمع و تغليف الخرشف مبينة أنها في صغرها حين كانت تعيش بمنطقة «عين عناق» تتذكر أنها كانت تقتلع الخرشف البري الذي كان يغزو حقول القمح. فقررت الاستفادة من هذه النبتة الموجودة مجانا بكميات كبيرة وتحويلها إلى مصدر رزق ذي مردودية أكبر. وأنشأت مجمعا للتنمية الفلاحية مع مجموعة من النساء. وتلقين تكوينا في تغليف المنتجات الزراعية. وبدأن في تغليف نبتة الخرشف البري. وتدريجيا أخذ النسوة في تنويع المنتوجات (خرشف على شكل قطع، خرشف عجين، هريسة، زيتون، مرمز وبسيسة). وهكذا زوّدن السوق المحلية بمنتوجاتهن. وعلى الرغم من زيادة الطاقة الإنتاجية ( 70كلغ يتم تجميعها بمقدار 120 وعاء يوميا) فإنهن عجزن عن تلبية طلبات السوق. وفي خضم هذه المغامرة النسائية، كانت «فكرة» مشجعا ودافعا وهي الممول الأساسي للمشروع وذلك بمساهمتها في اقتناء معدات المشروع الذي ساهم في تحسين دخل العديد من العائلات وذلك من خلال إعطاء معنى اقتصادي لنشاط موجود. لكنه لم يكن مثمنا. وأثر إيجابيا في المنطقة وتعمل حاليا 215 امرأة بصفة مباشرة في هذا المشروع.