تَحوّل خميّس الثامري إلى «ظاهرة كروية» شَغلت الناس خاصّة بعد أن لفت حَارس «البِنزرتية» الأنظار بمواقفه الجَريئة ورشاقته العَالية والتي تُوحي بأن «كَابتن» فريق عاصمة الجلاء في العِشرين لا من اللاعبين الذين شَارفوا على الأربعين. وقد تَزايد الاهتمام بالثامري لإقتران تألقه مع «مُعاناة» نفسية كَبيرة بفعل غياب المُستحقات والضّربات المُوجعة التي تلقّاها من صَديق الأمس ورئيسه الحالي في العَمل عبد السلام السعيداني الذي دَفع حارس الفريق إلى «الإنفجار» لشعوره بالظلم والقَهر. وفي الحِوار التالي نُقدّم للثامري لمسة تَكريمية لتغلّبه بالضّربة القَاضية على الظُروف و»الشّيخوخة» كما أنّنا نُتيح له الفرصة ليتحدّث عن «أزمته» مع السعيداني فضلا عن «إقصائه» من قائمة حراس المنتخب رغم أن العديد من المُتابعين يؤكدون بأن خميّس يستحق التَواجد في لائحة «جيراس». يَتساءل الكَثيرون عن «السِرّ» الكَامن وراء تألقك اللاّفت رغم التقدّم في السن. فهل من إيضاحات في هذا السِّياق؟ السِرّ الحقيقي يَكمن في العَمل الجاد والسَعي الدائم للظُهور في أفضل حَال. كما أنّني أؤمن بأن الواجب تُجاه الجمعية وجماهيرها يضعني أمام حتمية العطاء بغير حساب وذلك بغض النّظر عن المشاكل والعَراقيل التي قد تُواجهني في مسيرتي الكروية. وأعتقد أن العَوائق التي قد يتعرّض لها اللاعب في مشواره ينبغي أن تزيده إصرارا لقهر الصِّعاب وتحقيق طُموحاته لا أن يَستسلم للظروف. أمّا بالنسبة إلى قضية السن فهي من المسائل التي يقع طرحها بطريقة مغلوطة في الساحة التونسية. ويظن البعض أن صُلوحية «الكَوارجية» تُصبح مُنتهية بمجرّد أن يتجاوز عتبة الثلاثين في حين أن التجارب العالمية وحتى المحلية أثبتت بأن لاعب كرة القدم وحتى الرياضي الناشط في اختصاصات أخرى له القُدرة على قهر عامل السن. وأعتقد أن اللاعب يُمكنه الإستمرار لفترة طويلة بفضل عزيمته القوية والتمتّع بنمط حياة صحي علاوة على التدرب بطريقة مدروسة مع استثمار التقنيات الحديثة لمُراقبة ومُتابعة الجَوانب البدنية وهي من أصعب التحديات التي قد تُواجه الرياضيين «المُخضرمين». ونؤكد للمرّة الألف بأن حكاية السن مجرّد كِذبة والكرة تَعترف بالأداء لا بالسن. ألا تعتقد أن نَقاوة المُحيط تُؤثّر أيضا في مسيرة «الكَوارجية»؟ شخصيا أتمتّع بدعم كبير من الأصدقاء والأحباء كما أنّ علاقتي قوية بعائلتي وهي مركز اهتمامي وسندي في الحياة. ولا يُمكنني طبعا أن أتحدث عن الاستقرار لأنّني لست مُتزوجا لكن بوسعي التأكيد على الأهمية البالغة لنوعية الأشخاص الذين ينبغي على اللاعب أن يجعلهم من المُقرّبين والمُساندين له في السّراء والضّراء. ولن أدعي طبعا بأنّني «مَلاك» لكنني شخص مُجتهد ويعرف جيّدا كيف يحافظ على نفسه. كيف تَتجاوب مع المُساندة الكبيرة التي وجدتها في الصّحافة الرياضية والأوساط الجماهيرية خاصّة بعد الهَجمة الشرسة من رئيسك عبد السلام السعيداني وأيضا على خلفية نجاحك في سَرقة الأضواء رغم مُعاناتك على الصّعيد المَالي وحتى الأسري؟ الحَقيقة أنّني أشعر بفرحة غَامرة. فقد احتفت مُختلف وسائل الإعلام بتجربتي الكروية لما فيها من تَحدّ وإصرار على مُواصلة اللّعب رغم الأوجاع التي أعيشها. ويُمكن القول إن الصّحافة التونسية أنصفتني تماما مِثل الجمهور الرياضي وبصفة خاصّة أحباء النادي البنزرتي العَارفين بأنّني لم أبخل بحبّة عرق واحدة من أجل الدفاع عن «مَريول» «السي .آ .بي». وقد اكتشف الجميع حَجم التضحيات التي قدّمتها من أجل عيون المحبين وخدمة لمصلحة الجمعية. ويعرف القاصي والداني أنّنا عشنا على وقع صُعوبات مالية كبيرة وحُرمنا من الحصول على مستحقاتنا المالية لفترة طويلة ومع ذلك فإنّنا نجحنا في الصُمود وتشريف الفريق الذي خطف الأضواء في بطولة الموسم الحالي وسط إشادات من مُختلف الجهات ليقين كلّ المُتابعين بأن ما قُمنا به أشبه ب»المُعجزة الكروية» بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي تمرّ بها الجمعية. أليس من الغَريب أن تدخل في «حَرب» كلامية مع رئيس جمعيتك عبد السلام السعيداني خاصة أن يده طويلة وشخصيته «عنيفة» وهو ما قد يُعرّضك لعقوبات وخسائر كبيرة؟ في العَادة يتجنّب اللاعب مُهاجمة رئيسه بصفة عَلانية خوفا على مُستقبله الكروي وحِماية لمصالحه الرياضية والمالية. أمّا أنا فقد اتّخذت القرار الصّعب وسلكت الطّريق «المَلغوم» وهذا ليس من باب البُطولات الزائفة وإنما بسبب الظلم والغَيرة على مصلحة بنزرت. فقد تحمّلت في بداية الأمر استفزازات الرئيس حِفاظا على نَقاوة الأجواء ووحدة الصُفوف لكن الرجل واصل هُجوماته الكَاسحة والمُسيئة لشخصي. ولم تَقتصر تصريحاته النارية على وسائل الإعلام بل أن الهَجمة امتدّت إلى صفحات «الفايس .بوك». ومن هذا المُنطلق كان لِزاما أن أردّ الفِعل رفعا للإلتباسات وأملا في إخماد «ثَورة» الرئيس الذي من المفروض أن يتكلّم بلسان مُتّزن لا أن يُغالط الرأي العام ويؤكد على الملأ أنّني تحصلت على امتيازات ضخمة بل أنها قد تفوق تلك التي غنمها أشهر وأكبر الحراس في تاريخ الجمعية كما هو شأن علمية وبورشادة. ويعرف الجميع الصُعوبات المالية التي نعيشها وقد كان من المفروض أن يَتعامل معنا الرئيس بالكلمة الطيّبة لنتحلّى بالصّبر لا أن يُهاجمنا بذلك الشكل الغريب. المعروف أن السعيداني يَعتبرك أكثر من شقيق فما الذي حصل لتدخل علاقتكما في نَفق مسدود؟ يا حَسرة. كان هذا في الماضي أمّا الآن فقد تَغيّرت الأمور بسبب تصريحاته الغَريبة. ولن أنكر بأن المسألة أصبحت مُعقّدة جدا حتى أنّنا أصبحنا في شبه قطيعة لإنعدام التَواصل بيننا. والأمل كلّه أن يُراجع السعيداني حِساباته لتجاوز هذه الإختلافات خِدمة لمصلحة النادي البنزرتي الذي يبقى فوق كلّ الإعتبارات. ومن الضروري طبعا أن يبادر الرئيس بتغيير سياساته من خلال الإصغاء للاعبين والفنيين والإنفتاح على الأحباء بدل السير في نهج العِناد والإستفراد بالرأي. مع العلم أنّني لن أجد حرجا في الإعتراف بأخطائي ولن أتردّد في تَقديم الإعتذارات إذا ثَبت أنّني «المُذنب» في حقّ الرئيس. بَعيدا عن هذه الخِلافات الداخلية والمُتعارف عليها في كلّ الجمعيات التونسية كيف تَنظر إلى مسيرة «القِرش» إلى حدّ الآن؟ لا يُمكن إلاّ أن نشعر بالفخر والإعتزاز لأن فريقنا نجح في تشريف تاريخه الكبير وأظهر استعدادات طيّبة. ومن المُؤكد أن الأرقام المُسجّلة في سباق البطولة تُقيم الدليل القاطع على المسيرة الوردية للفريق. ويكفي الإشارة في هذا السّياق أنّنا لم ننهزم في 15 لقاء على التَوالي. وقد ودّعنا الكأس وخسرنا «السُوبر» لكن لا أحد بوسعه أن يُنكر الوجه المُشرّف الذي ظهر به النادي البنزرتي ونطمح طبعا لإنهاء الموسم في مركز جيّد. ما الذي ينقص بنزرت لتصعد على منصات التَتويج وتَستعيد الأمجاد الضائعة؟ نملك بشهادة الجميع فريقا رائعا وجمهورا استثنائيا لكن الإشكال يكمن في غياب المال وهو قوام الأعمال. ولا يُساورنا أدنى شك في أن ضعف الموارد المالية يَبقى العائق الأكبر في الطريق المُؤدية إلى الألقاب. خُضت تجربة طويلة وعاصرت الكثير من المدربين. فكيف تُقيّم عمل الوحيشي مع النادي البنزرتي؟ يملك منتصر ثقافة كروية واسعة وقد أظهر أيضا قدرات فائقة في الاتّصال. هذا ويحرص على أن يكون قريبا من شواغل اللاعبين وبالمُختصر المُفيد يمكن القول إنه مدرب مُمتاز على كلّ المُستويات. أيّة اضافة ليوسف الزواوي في بنزرت؟ يوسف الزواوي غني عن التعريف ويملك تجربة واسعة ولا اختلاف في أنه سيوظّف خبراته لخدمة الجمعية في منصبه كمشرف عام. يُلحُّ البعض على أنك تستحق التَواجد في القائمة المُصغّرة أوعلى الأقل المُوسّعة للمنتخب فكيف تُعلّق على هذا الأمر؟ أشكر كلّ الجِهات التي تعاطفت معي ورشّحتني للتواجد في المنتخب وهو شرف كبير لكلّ لاعب. وأتمنّى طبعا أن يُنصفي المدرب ويُلحقني بلائحته في الفترة المُقبلة. وأشعر في قرارة نفسي بأنّني أستحق الانضمام إلى صُفوف المُنتخب بالنّظر إلى تألقي مع النادي البنزرتي وأعتقد أن مسألة السن التي قد يتعلّل بها البعض لإبعادي غير مُقنعة. ويفرض المَنطق أن يكون البَقاء للأجدر والأنفع ولا علاقة للسن بالخَيارات البَشرية لمدرب المنتخب الذي سيخوض رِهانات قريبة مِثل «الكَان» وهو ما يُعزّز كذلك حُظوظي للتَواجد في القائمة الدولية طالما أن الإطار الفني يشتغل على المدى القريب لا البَعيد والذي قد يُبرّر التفكير في الطاقات الشابة على حساب الأسماء المُتقدّمة نسبيا في السن. وعُموما تبدو الخَيارات على مستوى حراسة المرمى غريبة وأشك أحيانا بأنها تَخضع إلى حِسابات «خَفية». في الخِتام كيف عِشت التَّصدي «المُعجزة» والذي أوقفت بفضله تسديدة لاعب الترجي حمدو الهوني في نطاق كأس «السُوبر»؟ الحقيقة أنّني نجحت في التصدي للعديد من التصويبات القوية وفعلت الأمر نفسه في الركلات الترجيحية لكن إيقاف كرة الهوني بذلك الشكل سيبقى حتما من أجمل التّصديات. ورغم أن الجميع سيطر عليهم الشك لعدم تأكدهم من عدم دُخول الكرة للشباك فقد كنت على يقين بأن الكرة لم تَجتز الخط النهائي.