تونس (الشروق) كشف إخضاع 19 من مصانع تحويل الملابس المستعملة «الفْريب» للمراقبة الجبائية المعمّقة في الآونة الأخيرة عن وجود حالة تسيّب صارخة في هذا القطاع الذي تحول من نشاط اجتماعي الى بوابة مشرعة للإثراء الفاحش على حساب الدولة والمواطن. المراجعة الجبائية المعمّقة التي أجرتها مصالح الأبحاث الديوانية أدت الى تغريم 19 من مصانع الفريب مبلغ 450 مليون دينار لفائدة الدولة هي إجمالا الأداءات التي ابتلعتها والخطايا الموظفة عليها. تجاوزات بالجملة وتستعمل مصانع الفريب عدة أساليب لمراكمة الأرباح بطريقة غير شرعية أهمها ترويج الأغلبية الساحقة من الواردات على حالتها الخام في السوق الداخلية فيما تفرض التراتيب المنظمة لهذا القطاع إعادة تصدير ما لا يقل عن ٪60 من الواردات بعد معالجتها في المصانع وتحويل كميات أخرى الى إنتاج مستلزمات قطاع النسيج مثل الأقمشة والخيط. وبالنتيجة فإن صحة الترويج في السوق الداخلية والمقدرة ب36 ألف طن أصبحت حبرا على ورق حيث تشير تقارير أجهزة الرقابة الى أن أغلب الواردات البالغة 120 ألف طن تروج على حالتها الخام في السوق الداخلية فيما أصبح نشاط إعادة التصدير شبه معدوم وهو ما جعل نشاط تحويل الملابس المستعملة في تونس يتحول من أداة لتجسيم السياسة الاجتماعية للدولة الى رافد للإثراء الفاحش الذي ازدادت حدّته في الآونة الأخيرة من خلال الارتفاع الصاروخي لأسعار الملابس المستعملة. رقابة مشدّدة بالتوازي مع اخضاع مصانع الفريب للمراقبة الجبائية المعمّقة تحرّكت في الآونة الأخيرة ثلاث وزارات هي المالية والتجارة والصناعة باتجاه إدخال تنقيحات على التراتيب المنظمة لقطاع تحويل الملابس المستعملة حتى تحافظ على البعد الاجتماعي لهذا القطاع لكنها تفرض رقابة مشدّدة على منظومة التحويل والتوزيع للتصدّي لكل أشكال التجاوزات الصارخة وفي مقدمتها عدم احترام الحصص.