أكّد فوزي اللومي القيادي في حزب نداء تونس أنّ الوضع داخل نداء تونس صعب جدا، ويستدعي تحكيم العقل والحكمة لإيجاد حل سياسي بين الجميع يُنهي الخلافات التي أعقبت نتائج المؤتمر الأخير، موضحا أنّه ضدّ إقصاء أي طرف وضدّ اللجوء للقضاء أيضا. تونس الشروق: كما تحدّث اللومي في حواره مع الشروق عن الأسباب الحقيقيّة والخفايا التي حفّت بأشغال المؤتمر الأخير لنداء تونس وانتهت الى واقع الانقسام الحالي بين مكتبين سياسيين ومكتب رئاسة للجنة المركزيّة..في ما يلي نص الحوار مع السيّد فوزي اللومي. لم يحقق المؤتمر أهدافه وأضاع الندائيون فرصة ثمينة لإصلاح حالة حزبهم؟ صحيح لم تسر الأمور مثلما أردنا لها في مستوى اعادة بناء الحزب وتوحيد أكثر ما يُمكن من مكوّنات النداء التاريخي وعموم العائلة الوسطيّة، ولكن نجحنا في انجاز مؤتمر انتخابي ديمقراطي، ولا يُمكن لأحد التشكيك اليوم في شرعيّة اللجنة المركزيّة فهي ليست خلافا ولا يُمكن أن تكون كذلك. قطعنا خطوة مهمّة في بناء المؤسّسات والقطع مع الشخصنة وهيمنة أفراد أيا كانوا على تسيير دواليب الحزب. يعني قطعتم مع مرحلة نداء حافظ؟ ليست مهمّة الأسماء، فأي شخص يحوز على صلاحيات التمثيل القانوني يُمكن أن يتصرّف بنفس الطريقة للهيمنة والانفراد بالراي أو القرار، كان الخطأ منذ مؤتمر سوسة سنة 2016 الذي منح صفة الممثل القانوني لحافظ قائد السبسي. لكن مؤتمركم الأخير منح صلاحيات الممثل القانوني لرئيس اللجنة المركزيّة؟ الأزمة التي تلت المؤتمر هي بالأساس نتيجة مسألة الممثل القانوني، لقد أضافت بعض الأطراف للقانون الداخلي كون رئيس اللجنة المركزية هو الممثّل القانوني للحزب، وقد تمّ التفطن لاحقا لهذا الأمر وحدث الصدام بين حافظ قائد السبسي وسفيان طوبال والرغبة في إحراز تلك المسؤوليّة. وهذا محلّ اتفاق لا اختلاف حوله والرأي العام داخل الحزب يتّجه إلى تصحيح هذا الانحراف قريبا، فالممثل القانوني لن يكون الاّ كفاءة ادارية لا علاقة لها بالشأن السياسي والتنافس داخل الحزب، والقرارات يتّخذها المكتب السياسي بالأغلبيّة. الآن، الحزب يعيش وضع انقسام، يراه كثير من المتابعين وضعا قد يُؤدي إلى انهيار النداء وتغييبه عن الموعد الانتخابي المقبل؟ سننتظر رأي الجهة الحكومية، المدعوة للإجابة عما عُرض عليها من ملفات حول حصاد المؤتمر والهياكل الجديدة في ظرف خمسة أيّام (أي غدا الجمعة) وبعدها لكل حدث حديث، وأنا شخصيا ضد تطوّر الوضع الى مزيد من القطيعة والتعقيد، لا بدّ من عودة الحكمة وإيجاد حل سياسي توافقي يقوم أساسا على رفض الإقصاء وأيضا رفض نقل الخلاف الى القضاء. تخافون من ذهاب ملف الشرعية إلى القضاء؟ نعم، الذهاب للقضاء سيُطيل الأزمة وسيعمق حالة الانقسام، وهذا رهان صعب لا بدّ من تفاديه وبسرعة. لكن الانقسام واقع، وحدث داخل مكتب المؤتمر، ولنا الآن مكتبان سياسيان ومكتبان للجنة المركزيّة؟ في اعتقادي يُمكن البناء على مخرجات اجتماع اللجنة المركزية في قمّرت، واستكمال المسار بالتوافق ودون إقصاء وذلك بإعادة النظر في تركيبة المكتب السياسي التوافقي الذي تمّ انتخابه في ذلك الاجتماع واعادة توزيع المسؤوليات. بخصوص مكتب المؤتمر السيدة سميرة بالقاضي هي الوحيدة المنتخبة من المؤتمر وهي التي اختارت مساعديها، ولا شرعية لما قام به بقية أعضاء المكتب حينما أسقطوا المكتب السياسي المنتخب في قمرت ودعوا الى لجنة مركزية في المنستير لانتخاب مكتب سياسي جديد. أين يتموقع فوزي اللومي في هذا الصراع؟ لقد رفضت تولي أو قبول أيّة مسؤولية، حتى لا أزيد في انقسام الحزب، وأتقاسم هذا الموقف مع شقيقي السيدة سلمى وعدد آخر من القيادات المؤسّسة، وأنا الآن احتفظ بعضويتي في اللجنة المركزية والمكتب السياسي المنبثق عن اجتماع قمّرت، خاصة وأنّه كان هناك اتفاق مسبق على أنّ تلك التركيبة وقتيّة، بما يُتيح المجال بيُسر لاعادة النظر فيها من جديد، إضافة الى أنّ الطرفين المتصارعين ممثلان في التركيبة المذكورة. وكما أكّدت فالوضع الآن صعب ويحتاج الى التعقّل لإخراج الحزب من هذه الوضعية التي ان تواصلت فيها تهدِّد بصفة جديّة حظوظ الحزب في المواعيد الانتخابية القادمة، بل ربّما تهدِّد وجود الحزب نفسه لأنّ مزيد اطالة الأزمة ونقلها للقضاء لن يسمح للحزب بالتقدّم للانتخابات المقبلة، وهذا أمر خطير. انا مع لمّ الشمل وتوحيد النداء من جديد والاستعداد كما يجب للانتخابات القادمة، ولي أصدقاء في اللجنة المركزية وهياكل الحزب المحلية والجهويّة يتفقون معي في هذا الرأي، وسنعمل بما لنا من ثقل سياسي وشخصي لتعديل الكفّة وتقريب وجهات النظر بين الطرفين ونزع كل الانقسامات وتغليب مصلحة الحزب على كلّ المصالح الشخصيّة أو الضيّقة. تحدّث البعض عن «عائلة اللومي» لتعويض «عائلة السبسي»؟ ابدا، انتهى عهد العائلات أو الاشخاص في نداء تونس، والحزب إن تواصل وعاد الى وحدته وانسجامه، وهذا ما نعمل عليه الآن، فسيكون على قاعدة سلطة المؤسّسات التي بدأنا بعد في تركيزها وأوّلها اللجنة المركزية فهي شرعية وهي واحدة ولا نزاع حولها. وبالمناسبة أود أن أشير، أنَّني وشقيقتي السيدة سلمى وزوجها السيّد عبد الرؤوف الرقيق لسنا غرباء عن مرحلة تأسيس نداء تونس، وما يتناساه البعض أنّ نداء تونس كان امتدادا للحزب الإصلاحي الدستوري الذي كنتُ أنا رئيسه وسلمى نائبة الرئيس، والسيد الرقيق هو مؤسّس تنسيقيّة النداء في نابل، والنداء حينما انطلق انطلق في مقرات الحزب الإصلاحي الدستوري وتعويلا على هياكله ومناضليه في الجهات. هناك حديث عن تدخّل رئيس الجمهورية في الصراع داخل النداء وانحيازه الى ابنه؟ شخصيا أنزه سي الباجي عن ذلك، فقد حضر افتتاح المؤتمر ولقينا منه كل الدعم والمساندة لإنجاز مؤتمر توحيدي وانتخابي ديمقراطي وبقي ولا يزال مُحايدا. الإشكال وكما قلت هو في المخرجات الخاطئة لمؤتمر سوسة 2016 والتي منحت سلطات واسعة للمدير التنفيذي والتي رغب البعض في تواصلها برغم رفض الأغلبية لها. وأنا شخصيا، أنتظر من سي الباجي أن يُبادر الى فعل شيء لإنقاذ الحزب، فهو الرئيس المؤسّس والجميع يكنون له كامل التقدير والاحترام. البعض يقول إنّه لم يعد للرئيس الشرفي أي هامش للتحرّك أو المبادرة في ظل حدوث الانقسام؟ لا أبدا، من الصعب جدا أن يترك سي الباجي الامور تسير الى الأسوأ، وبامكانه المبادرة بالدعوة مثلا لتكوين لجنة حكماء لفض هذا النزاع وتوحيد الجميع، وقد سبق له أن شكّل سنة 2016 لجنة ال 13 التي أنجزت مؤتمر سوسة. كما أنّ مصلحة جميع الندائيين، بمن فيهم، الأطراف المتنازعة أو المتصارعة هي في وجود حزب قوي، وهذا ما يفترضُ الإسراع بتطويق الأزمة الحالية. ما يزال الحديث متواترا حول توحيد الدساترة والتجمعيّين، والبعض يرى أنّ الوقت ربّما يكون ملائما لتحقيق ذلك؟ أرى أنّه يُمكن الاشتغال في المدى القريب على تكوين كتلة برلمانية دستورية تجمعيّة بعد الانتخابات القادمة خاصة في ظل النظام السياسي البرلماني الذي يعطي قيمة كبيرة للكتل البرلمانية، ولاحقا يُمكن التفكير في بناء حزب واحد.