لم يعد خافيا على كل المتدخلين في مجال التزويد بالمنتوجات الغذائية وخاصة الفلاحية ان هنالك مافيا تتحكم في الاسواق وتحقق ارباحا طائلة عل حساب حلقتي الفلاح والمستهلك انها الحلقة الوسطى ونعني الوسطاء والمضاربين. فالمتأمل في حال الاسواق يلاحظ البون الشاسع بين الاسعار التي يبيع بها الفلاح منتوجاته وبين الاسعار المعروضة للبيع في اسواق التفصيل. ويكاد يجمع اهل الاختصاص ان هنالك فئة من المحتكرين واصحاب مخازن التبريد العملاقة تحقق ارباحا طائلة اذ يتكفلون بجمع المنتوج قبل فترة طويلة من الموسم الاستهلاكي ثم يعمدون بعد ذلك الى ترويجه في ذروة الاستهلاك بأسعار مضاعفة. ولعل الحملة التي انطلقت في هذه الايام كشفت عن فظاعة هذه الممارسات ومدى تأثيرها على جيوب المستهلكين ومدى جشع هذه الفئات اذ لا يتورعون عن استغلال المناسبات المتعددة لتحقيق ارباح طائلة. وهنا لابد من التساؤل الى متى ستبقى قفة التونسي رهينة هذه الفئات من المستكرشين ورهينة حملات ظرفية موسمية ترتبط ببعض المناسبات ولماذا لا تقع ملاحقة اصحاب هذه المخازن الكبرى التي تحيط بالعاصمة والمدن الكبرى وتتحكم في الاسواق وتتاجر بقفة التونسي وغذائه والملفت ان السلطة تعرف هذه المخازن الكبرى وغرف التبريد العملاقة التي تقع فيها عمليات الاحتكار باعتبار انها لا تشيد تحت الأرض بل فوقها وعلى مقربة من المحصول ومع ذلك لا يتصدون اليها. فإلى متى يبقى التونسي رهين حملات ظرفية تنظم في بعض المناسبات الانتخابية لتحقيق انتصارات سياسية دون خطة استراتيجية لاجتثاث هذه الظاهرة من جذورها.