الحملات الانتخابية تستعر قبل أوانها لكن التركيز لم يعد منحصرا في "سياسة الضد" بل يتوجه حاليا إلى التظلم والتباكي والتمسكن وتقديم النفس في شكل الضحية… فهل تنجح هذه السياسة في رفع أسهم أصحابها؟. تونس الشروق: الحزب الدستوري الحر يتعرض إلى اعتداء وتضييق، من وجهة نظر زعيمة الحزب عبير موسي، وصل حد إيقاف منسقه في سيدي بوزيد، حركة مشروع تونس كانت ضحية لاعتداء نفذه بعض النقابيين في صفاقس وفق تأكيد زعيمها محسن مرزوق، مؤسس التيار الديمقراطي ومرشحه للرئاسية محمد عبو يتعرض حسب زعمه إلى مراقبة أمنية لصيقة بتعليمات من رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الداخلية هشام الفوراتي. آفاق تونس مستهدف بدعوى أن محكمة الحسابات ذكرته في من ساندوا بعض المستقلين عبر تمويل حملاتهم خلال الانتخابات البلدية. الجميع مستهدف من تيار المحبة إلى الجبهة الشعبية إلى نداء تونس… حتى حركة النهضة مستهدفة من وجهة نظر أبنائها بما أن أعداءها ينسبون إليها كل الإدعاءات والاتهامات المعقولة وغير المعقولة. تكذيب وتشكيك هي طفرة في استقطاب الناخبين تأتي إثر استنفاد "سياسة الضد"، فبعد لعب ورقة البديل الناجح والعدو البيّن لحركة النهضة أو نداء تونس أو الحكومة في محاولة لاستدراج من يعارضهم من الناخبين، جاء دور التمسكن والتباكي وتقديم النفس في صورة الضحية بطريقة يكون فيها عبو ضحية للحكومة، وحركة المشروع ضحية لاتحاد الشغل، والدستوري الحر ضحية لمن يصفهم ب"الثورجيين"، والجبهة الشعبية ضحية لحكومة النهضة، والنهضة ضحية لجميع أعدائها الذين يشوهون صورتها ويدعون عليها بالباطل حسب زعمها. اللافت للانتباه في هذا كله أن كل تباك أو تمسكن أو ادعاء مضرة يجد من يتصدى له بالتكذيب، فالناطق الرسمي باسم ابتدائية سيدي بوزيد أكد غياب أي رابط سياسي لتتبع قيادي الدستوري الحر، واتحاد الشغل كذب رواية حركة المشروع، والناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية عارض محمد عبو في ادعائه ولكن هل يتأثر المتمسكن ايجابيا أو سلبيا من تمسكنه؟. استفادة محدودة في التمسكن لعب على العاطفة دون العقل ومن شأن هذا اللعب أن يحقق هدفه من ناحيتين أولاهما لفت الانتباه إلى الطرف المتباكي أو المتمسكن وتذكير الناخبين بوجوده ونشاطه فضلا عن ايهامهم بقدرته على النجاح إذ من المفترض أن يكون صاحب الحظ الكبير في النجاح عرضة للاعتداء أو التضييق. وثانيتهما جلب التعاطف ذلك أن الناخب يتعاطف عادة مع الطرف المستضعف والمستهدف لاسيما إذا كان هذا الناخب من غير المنتمين لحزب معين. على أن الإشكال يتعلق بتعميم التمسكن إلى درجة صار فيها كل حزب مستهدفا وضحية من وجهة نظره، وفي الآن ذاته متهما أو مورطا من وجهة نظر خصومه ما يعني غياب الاستفادة من التمسكن أو على الأقل محدوديتها. الأدهى بالنسبة إلى المتمسكنين أن هناك ناخبين منضبطين لا يؤثر فيهم التمسكن ما لم يصدر عن الحزب الذي يتبعونه ومثل ذلك أن الناخب النهضوي سيكذّب كل ادعاء يصدر عن خصومه ولن يصدق إلا ما يصدر عن حركته، وبالقياس فلن يثق أي جبهوي أو "آفاقي" أو "ندائي" في أي رواية تصدر عن الحكومة أو حركة النهضة أو حركة تحيا تونس. أغلبية الأطراف الحزبية التي تجوب البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لم تقدم مؤشرات لبرنامج انتخابي قابل للتحقيق يمكن أن تقنع به الناخبين... لا تستغربوا أمرها فهي منشغلة حاليا بالتباكي دون أن تجد متسعا من الوقت لغيره.