على أبواب انتخابات عامة جديدة بعد مضي حوالي تسع سنوات عن هذا التغيّر السياسي الكبير الذي تعيشه البلاد والذي أنهى حقبة دكتاتوريّة وشرّع أبواب الحلم التونسي لتمنّي دكتاتورية جديدة. ما هذا التناقض؟ نحن نعيش زمن تونسي عجيب يتنامى فيه، زمن الحريّة، تيّار معادي للحريّة وتقاسم الحلم بعودة دكتاتورية تعيد النصاب للنظام وللقانون. ألا يرى ساسة اليوم كم هم قاصرون في أنظار التونسيين؟. من نحاسب حول هذا الوضع التونسي غير المفهوم الذي بلغناها في منتصف طريقنا نحو بناء جمهورية ثانية؟ طبعا ليس المتورط حزب أو اثنان. المتورطون هم طبقة سياسية يتعاملون مع الدولة بمنطق الغنيمة فعبد الكريم الهاروني القيادي في حركة النهضة أتت به الثورة والحراك الاجتماعي في العام 2012 الى وزارة النقل ولكنه وفي اول تفاعل له مع خيمات المعتصمين في منزل بوزيان وصفهم ب"اللّاوطنيين". منذ البدء، إذن، لم يفهم ساسة البلاد بان للثورة استحقاقاتها وان تحقيق العدالة الاجتماعية هي سيّدة الحقوق المرجوة. ولأن شيئا من ذلك لم يتحقق ما زال المهمشون والمفقرون يهاجمون رمز الدولة حيث كان حتّى وإن كان حديدا ممدّدا على التراب كما يحصل مع سكة القطار في منزل بوزيان. الناس يطلبون إصغاء المسؤولين إليهم وفي حوزتهم مقترحات وحلول. ولكن ساستنا لا يستمعون سوى للدسائس ولا تشخيص واقعي لهم للواقع الاقتصادي والاجتماعي للتونسيين حيث كانوا. تسع سنوات مضت دون أن نؤسس لدولة القانون والمؤسسات. فكيف يا ترى تكون دولة بلا هيبة قانون ولا هيبة مؤسسات؟ حتما ستكون دولة تسود فيها الاتهامات المفصلة في مقالنا فتكون دولة الفساد والشبهات بامتياز.