لم يعل على الرسام الإيطالي الشهير جرلندايو في عبقريته من أهل فلورنسا في جيله سوى رجل واحد، ذلك هو سندرو بوتشيلي Sandro Botticelli الذي كان يختلف عن جرلندايو كما يختلف الخيال الأثيري عن الحقائق المجسدة … من اشهر لوحاته مولد فينوس ولد بوتشيلي عام 1445 في فلورنسا و بدأ حياته صبيا في حانوت صائغ ، وكان مفتونا بفن التصوير فالحقه والده بمرسم فيليبو ليبي. وظلت تأثيرات ليبي ملا زمة لساندرو الذي تتلمذ عليه طوال حياته الفنية. وكان فيليبو ليبي من المتاثرين بأسلوب مازاتشو في فن التصوير وأسلوب دوناتيلو في فن النحت، فترجم مرونة مازاتشيو والدينامية الدرامية لدوناتيلو إلى رؤيته الخاصة قام بوتشيلي بتصوير العديد من اللوحات لشخصيات اتسمت بالدقة البالغة تنم عن ملاحظة قوية للشخصية الجالسة أمامه. بين عام 1480-1481 غادر بوتيشيللي فلورنسا للإشتراك في تزيين وزخرفة الكنيسة التي بنييت حديثا آنذاك في قصر الفاتيكان حيث عهد إليه بالتصوير الجصي الجداري لمشاهد من حياة موسى وعيسى. ورغم ضخامة كمية المواد التي يتطلبها العمل فإن بوتيشيللي عاد إلى فلورنسا في خريف عام 1482 بنضج في الأسلوب. كما خلع عليه التكليف البابوي شرفا عزز هيبته وزاده احتراما وتقديرا. لتكثر بعدها الطلبات الموجه إليه لإنجاز أعمال فنية دينية. و رغم الاضطرابات السياسية الكثيرة التي هزت إيطاليا في نهاية القرن الخامس عشر استمر بوتيشيللي في العمل وانغمس بعمق في ثقافة الماضي. فمن عام 1490 إلى عام 1497 قام بسلسلة من 91 رسما توضيحيا كبيرا للكوميديا الإلهية لدانتي في خطوط ملحقة خاطفة. أنجز بوتشيلي العديد من الصور للسيدة العذراء، وتعرضت أغلب لوحاته للمواضيع الدينية أو الميثولوجية: كالربيع، و مولد فينوس حتى يضفي على لوحاته مسحة من المثالية، زينها بزخارف الأربسك، كما استعمل ألوانا بسيطة بعيدا عن التكلف. و تتميز لوحاته بخطوطها الواضحة المتناسبة وألوانها الرقيقة وزخارفها المتعددة وشاعريتها. تنقسم أعمال بوتشيللي إلى قسمين: يصور في القسم الأول زينة الحياة الدنيا، والقصص الأخلاقية المعقدة، والموضوعات الأسطورية الجميلة. ويكشف في القسم الثاني من أعماله عن مشاعر جادة ومنضبطة، ومثال ذلك لوحاته التصويرية لملحمة دانتي الكوميديا الإلهية وكذلك لوحاته الدينية . توفي بوتشيلي في عام 1510 وحيداً، ضعيفاً، في السادسة والستين من عمره، بينما كان العالم السريع النسيان يجري في مجراه المعتاد.