لا علاقة لحركة النهضة بالحكومة، هذا ما نستشفه من بياناتها الرسمية الأخيرة حتى أنها تظهر أحيانا في موقف المعارض فهل هو غضب من الشاهد، أم مجاملة للباجي أم استعداد للحملة الانتخابية؟. تونس الشروق: بيانات عديدة صدرت عن حركة النهضة في الأيام الأخيرة لم يتعرض أي منها إلى موقفها من دعوة رئيس الحكومة يوسف الشاهد، في خطابه الذي تم بثه يوم 17 أفريل الماضي، إلى إجراء مشاورات مع مختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية لوضع ميثاق للأخلاق السياسية. النهضة لا تستخف فقط بدعوة رئيس الحكومة التي تشارك فيها، بل إنها أيضا لا تدافع عنها كما تفعل حركة "تحيا تونس" ومع هذا كله نجدها تدعوها وتطالبها وتحرجها وتتهمها كما لو كانت تعارضها. فحينا تدعوها إلى «تقديم كل الرعاية والدعم ل(عائلة الشهيد) مختار عاشور…»، وأخرى تؤكد «ضرورة تفعيل الإجراءات والمبادرات التي أعلنتها الحكومة في مجال المحافظة على القدرة الشرائية للمواطنين على مشارف شهر رمضان...» وأخرى تدعوها الى «الإحاطة العاجلة بعائلات الضحايا (في حادث سيدي بوزيد)». وأخرى تطالب ب"رفع تجميد أجور الأساتذة الجامعيين"... «يتناقض مع أهدافها»؟ المؤكد أن الحكومة لا تنتظر دعوة النهضة لتقدم الرعاية أو الإحاطة إلى من يستحقها أو ترفع في أجور الأساتذة الجامعيين أو تفعل الإجراءات التي اتخذتها بنفسها للمحافظة على القدرة الشرائية… ما يعني أن الحركة تركب على الأحداث جاعلة حدا فاصلا بينها وبين الحكومة كما لو لم تكن شريكا فيها. الأخطر أن النهضة تحمّل الحكومة بطريقة غير مباشرة مسؤولية ما بات يعرف بأزمة قناة نسمة وذلك عبر الإشارة في البيان الصادر عن مكتبها التنفيذي الجمعة الماضي إلى أن «الاعتداء على حرية الاعلام والتحريض على مؤسساته، يتنافى ويتناقض مع الأهداف التي تأسست عليها مشاركة حركة النهضة في الحكومة». هناك احتمالات ثلاثة من خلال مواقف الحركة من الحكومة فإما أن تكون بصدد ركنها وتضييق الخناق على رئيسها الشاهد وإما أن تكون بصدد توجيه رسائل مجاملة لشريكها السابق الباجي قايد السبسي وإما أن تكون بصدد الاستعداد مبكرا لحملتها الانتخابية: تناغم في المواقف هناك غموض كبير في علاقة النهضة بالشاهد فهي تشترط عليه تارة عدم الترشح للانتخابات الرئاسية وتعبر أخرى عن إمكانية ترشيحه بنفسها، وهي تدافع عن حكومته بأسنانها حينا وتعلن عن إمكانية تعويضها بحكومة تكنوقراط أو انتخابات حينا آخر. الظاهر أن النهضة تخشى صعود الشاهد وحركة تحيا تونس المحسوبة عليه إلى الحد الذي يهدد مصالحها لكنها لا ترغب في خسارتهما علها تتشارك معها في حكومة واحدة مطلع السنة القادمة لكن من الإسراف القول إنها غاضبة على الشاهد أو إنها تريد الإضرار به بل علينا أن نفكر في سبب آخر قد نجده في مجاملة السبسي. رئيس الجمهورية يعيش حاليا أتعس أيامه السياسية بالنظر إلى وضعية حزبه "نداء تونس" وخلافاته الداخلية المدمرة لكن النهضة تتحسب لإمكانية تجاوز تلك المشاكل وتحقيق بعض المكاسب الانتخابية التي تستفيد منها في توافقاتها اللاحقة. والأهم من هذا أن الباجي الذي يعارض الحكومة كان متناغما جدا مع حركة النهضة في موقفها مما يدور حاليا في ليبيا وعليها أن تجامله بوضع حد بينها وبين الحكومة لكن هذا لا يكفي لتبرير موقفها: مصالح انتخابية تبدو الفرضية الثالثة الأقرب إلى المنطق والواقع فجل الأطراف السياسية المعنية بالانتخابات شرعت في الاستعداد للحملات الانتخابية وهناك من بدأها مبكرا ولا يمكن لحركة النهضة أن تحدث الاستثناء ولكن ما علاقة هذا بالمواقف من الحكومة التي تشارك فيها؟. هناك موجة غضب شعبية من حكومة الشاهد جراء انهيار القدرة الشرائية وتتالي الحوادث والأزمات والأخطاء والتقصير، ولا يمكن لحركة النهضة أن تورط نفسها انتخابيا بالدفاع عن الحكومة بل من صالحها أن تظهر نفسها للناخبين في صورة المدافع الشرس عن حرية الإعلام والأساتذة الجامعيين وعائلات الضحايا والشهداء وحتى المواطنين الذين تأثرت قدراتهم الشرائية. بهذا التنصيص يمكن للناخب أن يضع فاصلا بين حركة النهضة والحكومة فيكبر مواقف الأولى ويفرد الثانية باللائمة أو الاستياء أو الغضب. النهضة تشارك في الحكومة ولكنها تدعوها وتطالبها وتحملها المسؤوليات إن تطلب الأمر حتى لا تضر بمصالحها الانتخابية، هذا ما يفرق اليوم بينها وبين حركة "تحيا تونس" رغم اشتراكهما في حكومة واحدة.