شمل تقرير «قائمة المراقبة للإنذار المبكر»، الذي أجرته «مجموعة الأزمات الدولية»، لتقييم المخاطر المحيطة بالاتحاد الأوروبي لعام 2019، حالة تونس، من ضمن الدول المعرضة لخطر النزاع أو تصاعد العنف. تونس «الشروق»: وكالات وتضم قائمة مراقبة الإنذار المبكر لمجموعة الأزمات الدولية ما يصل إلى عشرة بلدان ومناطق معرضة لخطر النزاع أو تصاعد العنف،و هي: بوركينا فاسو وجمهورية إفريقيا الوسطى وإيران وماينمار وباكستان وجنوب السودان وتونس وأوكرانيا وفنزويلا واليمن. واللافت في التحليل الذي شمل الوضع التونسي التركيز على حركة النهضة في الخارطة السياسية وعلاقتها بخصومها، وخاصة بحليفها ،رئيس الحكومة يوسف الشاهد،وكذلك عمل الحركة في تجذير وجودها ضمن المصالح المشتركة للطبقة الحاكمة، من خلال مزيد السيطرة على مراكز القوى الاقتصادية والإدارية في البلاد. ويبدو أن الحركة قد راجعت تجربتها الأولى في الحكم بين 2011 و2013، عندما فشلت في إدارة البلاد، بسبب فشلها في استمالة النخب الثقافية والإدارية والمالية. ويقول التقرير: «إن الاقتصاد يسير بشكل سيئ. فقد انخفض الدينار التونسي بأكثر من 40 في المائة مقابل اليورو منذ عام 2016، مما قلل من القدرة الشرائية، في حين وصل معدل التضخم إلى 8 في المائة سنويًا. ونتيجة لذلك، ارتفعت تكلفة المعيشة بأكثر من 30 في المائة منذ عام 2016، مما دفع الأسر إلى التداين، بينما تزداد الفوارق الجهوية، ولا تزال البطالة رهيبة. وهذه العوامل مجتمعة تسارع في هجرة الكفاءات وهروب رأس المال. وتحدث هذه المشكلات الاقتصادية في وقت يشهد توترات حادة بين الرئيس، الباجي قائد السبسي، ورئيس الوزراء، يوسف الشاهد، والتي نمت خلال العامين الماضيين.وقد أدى التنافس بينهما إلى ظهور خلاف قديم بين الإسلاميين (حزب النهضة بشكل رئيسي) وخصومهم (يمثلهم حزب نداء تونس) مع الشاهد، الذي ينحدر أصلاً من نداء تونس، والذي يعتمد على هيمنة الكتلة الإسلامية البرلمانية من أجل البقاء في منصبه». ويضيف تقرير الأزمات الدولية: «يتموقع حزب النهضة في السلطة الائتلافية منذ عام 2011، ولكنه منذ عام 2016 فصاعدًا، أصبح أحد مكونات الحكومة الائتلافية. وعندما أصبح الشاهد رئيسًا لحكومة الوحدة الوطنية، عمل الحزب بجد على تعزيز سلطته من خلال وضع عدد متزايد من مؤيديه في مناصب عليا في الإدارة العامة والشركات المملوكة للدولة والمكاتب والهيئات الحكومية في العاصمة والولايات (المحافظات). ومن خلال ذلك فإن النهضة قد غيرت سياستها في تكوين شبكات المحسوبية التي تتحكم في موارد الدولة والحصول على مشاريع الدولة، والاحتكارات الخاصة، واحتكارات القلة. في ماي 2018، تقدم حزب النهضة في الانتخابات المحلية ففازت الحركة بنسبة 28 في المائة من مقاعد المجالس البلدية (مقابل 20 في المائة لنداء تونس)، بما في ذلك جميع المدن الرئيسية. وفي الشهر التالي، تولت الحركة الإسلامية مسؤولية الإدارة في 36 بالمائة من جميع البلديات (مقارنة مع 22 في المائة لنداء تونس). وقد عزز هذا الانتصار الجزئي الثقل السياسي للحزب، وغيّر توازن القوى في مواجهة خصمه الرئيسي، وأثار علامة استفهام حول الاتفاق الضمني بين الإسلاميين والمناهضين للإسلاميين منذ الانتخابات البرلمانية والرئاسية لعام 2014. فبموجب هذا الاتفاق غير المكتوب، قبلت حركة النهضة سلطة أقل من ثقلها الانتخابي الذي يوحي بأنه ينبغي أن يكون لها، ونالت ثلاث وزارات فقط، ليس فيها أي وزارة سيادية؛ وقد وافقت ضمناً على عدم التدخل في شبكات المحسوبية القائمة». ويختم التقييم:« إن هذا التحول في موازين القوى أدى إلى تجدد الصراع على الموارد والمصالح والنفوذ في البلاد، والذي من شأنه أن يزيد من تعميق الخلاف بين الإسلاميين وخصومهم. كما أنه سيزيد من حدة التوترات السياسية والاجتماعية قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في وقت لاحق من هذا العام، والتي قد تثبت بشكل حاسم تشكيل الخط السياسي والاقتصادي للبلاد خلال العقد المقبل. وبسبب الانقسام في المعسكر العلماني، ترتفع شعبية النهضة بشكل مستمر بين قطاعات كبيرة من السكان وتزداد هيمنة الحزب الإسلامي على المؤسسات الحاكمة، ويظل الحزب هو المرجح للفوز على الأقل في الانتخابات البرلمانية. وحتى لو تم تمرير هذا السيناريو، فإنه سيمكن تقييد قوة الإسلاميين. إذ ستحتاج الحركة-إن نجحت – إلى تشكيل الائتلاف الحاكم، وستكون مستعدة مرة أخرى للتخلي عن الوزارات الرئيسية والحفاظ على اتفاق ضمني مع خصومها.ومع ذلك، فإن السيناريوهات الأخرى ممكنة. فإذا تواصلت التوترات وبلغت ذروتها قبل الانتخابات، فإن العنف قد يعرقل العملية الانتخابية، مما قد يدفع الرئيس إلى إعلان حالة الطوارئ، كما هو منصوص عليه في الدستور. ومن الأهمية بمكان أن ينشئ البرلمان محكمة دستورية، وهي التي ستحكم فيما إذا كان يمكن تمديد حالة الطوارئ بعد ثلاثين يومًا من دخولها حيز التنفيذ. ويجب أن يكون للمحكمة تركيبة سياسية متنوعة قد تساعد في منعها من تأييد مثل هذه الخطوة في الواقع. وفي ظل هذا السيناريو، فإن غياب المحكمة الدستورية يمكن أن يضع تونس في دائرة الخطر».