من بين المؤسسات الدستورية وسائر الهيئات المحدثة بقانون كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الاستثناء وصمدت حين فشلت باقي المؤسسات، هذا النجاح يتقاطع اليوم مع جملة من التحديات فهل ستكسب الهيئة الرهان؟ تونس (الشروق) أقر الدستور احداث عدد من الهيئات الدستورية المستقلة، وفي تقييم هذا المسار تعد من بينها هيئة الانتخابات الاستثناء في الاستمرارية والنجاح ،فهيئة الاتصال السمعي البصري الدائمة لم تنصب بعد وعوضتها ‹›الهايكا›› التي كانت محور جدل واسع، كما لم تركز هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد وبقينا تحت طائلة الهيئة المؤقتة،فيما لم تتأسس بعد باقي الهيئات الدستورية على غرار هيئة حقوق الانسان وهيئة التنمية المستدامة وحماية الاجيال القادمة. بقية الهيئات غير الدستورية والمحدثة بقانون على غرار هيئة الحقيقة والكرامة فشلت فشلا ذريعا وسقط بعضها في فخ المعركة السياسية و افتقر البعض الاخر للتمويلات الكافية فكان لاستمرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الاستثناء في تجربة الانتقال الديمقراطي. وعلى الرغم من المراحل الصعبة التي مرت بها ومحاولات اختراقها سياسيا ومنسوب الصراعات التي شقتها استطاعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الصمود ،كما استطاعت ايضا التمثّل كشمعة مضيئة في مسار الانتقال الديمقراطي على الرغم من الهنات والمصاعب، فهل ستقدر الهيئة على كسب رهان انجاح الاستحقاقات الانتخابية القادمة وتدعيم رصيدها الايجابي ؟ نجاحات حققت هيئة الانتخابات منذ اشرافها على الانتخابات الاولى بعد الثورة والى حدود تواصل عملية التسجيل راهنا نجاحات عديدة، أهمها تسجيل ما يزيد عن 5 مليون ناخب سنة 2011، وانجاح الاستحقاقات الانتخابية لتشريعية ورئاسية 2014 والانتخابات البلدية لسنة 2018 علاوة على انجاح مرحلة التسجيل الحالية وكل المواعيد الانتخابية المتعلقة بالانتخابات الجزئية والقطاعية التي أشرفت عليها، غير أن هذه النجاحات رافقتها تحديات كبرى كادت تجهز عليها في كل لحظة. ولم يكن من السهل توقع انقاذ هيئة الانتخابات والمسار الانتخابي بعد الاستقالة المفاجأة لرئيس الهيئة آنذاك شفيق صرصار بمعية العضوين لمياء الزرقوني ومراد بن مولي، فكادت التجاذبات الحاصلة في المشهد السياسي حينها تعطيل الانتخابات البلدية التي طال تأجيلها لولا نجاح التوافقات السياسية في الاهتداء الى حل «مؤقت» انتهى باستقالة رئيس الهيئة محمد التليلي المنصري بعد استكمال مسار الانتخابات البلدية. وتلك الاستقالة اسالت الكثير من الحبر واعتقد البعض أنها ستكون الشماعة التي ستؤدي حتما الى تأجيل المواعيد الانتخابية التشريعية و الرئاسية، غير أن العكس حصل من خلال سد شغور الهيئة وانتخاب رئيس جديد لها في جانفي الماضي. تحديات واثر الترميم الاخير لمجلس الهيئة اختفت الصراعات التي كانت تشق مجلسها وبرز الانسجام على اعمالها، ولعل هذا المناخ الايجابي كان وراء بداية تحقيق النجاحات من خلال قطع أشواط مهمة في تنفيذ استراتيجية تسجيل الناخبين وكذلك في اتخاذ قرار شجاع جدا بخصوص قائمات الندائيين لبلدية باردو، ويرى المراقبون أن الهيئة الحالية ضاعفت عدد اعوان التسجيل و تفردت باستهداف المواطنين ميدانيا فكانت النتيجة نجاح باهر في اختبار التسجيل قبل اختبار انجاح العملية الانتخابية في مختلف مستوياتها. اليوم تعود المماحكات من جديد حول الهيئة بين مشكك في عمليات التسجيل في العلن ومحتج في الخفاء من العدد الكبير للمسجلين خوفا من الاضرار بخزاناتها الانتخابية، كما تتصاعد في الكواليس السياسية رغبات ملحة تدفع الى تأجيل الاستحقاقات الانتخابية الى حين الاستعداد الجيد لها وهذا يطرح على هيئة الانتخابات كسب رهان انجاح الانتقال الديمقراطي. تبدو الهيئة اليوم في مفترق تاريخي لتكذيب ما اشيع حولها سابقا من اختراقها سياسيا وذلك عبر مواصلة النجاح في تسجيل الناخبين، وعدم الرضوخ للدعوات غير المسؤولة للتأجيل علاوة على مهمات قادمة تتعلق بمراقبة الحملات الانتخابية والصرامة المطلوبة حيال التجاوزات الانتخابية.و اختراق سياسي يتهم العضو السابق لهيئة الانتخابات سامي بن سلامة حركة النهضة بمحاولة ‹›افتكاك›› الهيئة سابقا مشيرا في تدوينة نشرها على حسابه ان هيئة كمال الجندوبي اتفقت على استئناف عمليات التسجيل غيران حركة النهضة تدخلت لمنعها وتم النزول بعدد اعوان التسجيل في هيئة الانتخابات 2014