بإعلان الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات (ISIE) بلوغ رقم مليون من المسجّلين الجدد للانتخابات القادمة، يكون التونسيون قد تحفّزوا لأخذ زمام شؤونهم بأيديهم. إن بلوغ المسجّلين للانتخابات التشريعية 2019، رقم الملين، إضافة الى الأربعة ملايين المسجلين، يعدّ رقما لافتا وله دلالات... فالمواطن التونسي نجده ينتقل اليوم من مرحلة التشكّي من الأوضاع ومن مرحلة المطلبيّة لحلّ المعضلات الى مرحلة الوعي بأن الحلّ بيده... والتغيير من صلاحياته. والحقيقة، لا بدّ من التأكيد بأن الشعوب التي أخذت مصيرها بين أيديها، هي التي نجحت في الانتقال من مرحلة الملاحظة والسلبية الى مرحلة الفعل. التونسيون شعبا ومنظمات وطنية وأحزاب تقدّمية، أصبحوا الآن على بيّنة من الأخطار التي تتهدّد بلادنا... كما أن كمّ الوعي الذي راكمه التونسيون طوال هذه العشرية، مكّنهم من اكتساب تجربة تبعدهم شيئا فشيئا عن خانة المفعول بهم... لينطلقوا في مجال الفعل، من خلال الاختيار الحرّ لنوّاب الشعب، أي نوّابهم، وبالتالي من خلال التسجيل للانتخابات وفق الرزنامة التي وضعتها الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات... هذه الهيئة التي أثبتت نجاعة استراتيجيتها في تكثيف الإقبال على التسجيل في الانتخابات. لقد شعر الجميع وتأكد دون شكّ، من أن الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، تماهت هذه المرّة مع مطالب الشعب التونسي في التغيير... ذلك أن الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أرهقت المواطن التونسي، أثرت في الخطاب الذي اعتمدته الهيئة من أجل أن يتحمّل الناخب التونسي، من خلال إقباله المكثف على التسجيل في الانتخابات، مسوؤليته في حكم تونس واختيار حكامها ونوّابها. إن التحوّل الذي عرفته الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات، قد ترك أثرا في المواطنين التونسيين، وجعلهم يعُون بأهمية المرحلة. إن الديمقراطية لا تُهدى ولا تُباع، بل هي مسار يبدأ بالوعي بأهمية الفعل، ليصل إلى تحمّل المسؤولية من أجل التغيير والحكم وإدارة الشأن العام.