الكتاب يثبت ان الشريعة الاسلامية تدريجية في تقرير احكامها حسب الطرق وتطور الحاجة الانسانية. وهو لا ينكر على التشريع الاسلامي كماله من حيث الاصل والروح العالي الذي يسير بالانسانية اليه، بل القسم التشريعي من الكتاب كله برهان على هذه النظرية. وفي ضوئها امكنني درس مسألة الحقوق المدنية للمرأة ومسائل الزواج والطلاق وتعدد الزوجات. انما الذي اقول انه يتحول ويتطور حسب الاحوال المنوط بها هو الاحكام الخاصة بالفروع المتمشية مع الزمن. ولسنا نذهب هنا الى تحكيم العقل وحده في هذه الفروع ليبت فيها كما يشاء، بل انني اقول يجب الاستشهاد بالنصوص العامة التي تعبر عن روح الاسلام الذاهبة الى خير الانسان دنيا واخرى والمزيحة عنه كل نقص او ضعف شائن لإنسانيته الفاضلة. والقسم التشريعي كله بيان مفصل لهذه الحقيقة النيرة في الاسلام يدركها كل من يتأمله ويتبصر في استكناه حقيقته الخالدة. الاسلام قد عبر عن روحه في حب الحرية وكراهية الاسترقاق، وعبر عن روحه في بناء الزواج على المودة والالفة والرغبة في بقائه مثمرا حياة العائلة وسعادتها. كما عبر عن روحه في بغض الطلاق المفكك للروابط العائلية، كما عبر عن روحه في استواء عُبَّاد الله امامه ذكورا واناثا ومنحهم عدالته ورحمته على السواء دنيا واخرى. وقد عمل التشريع الاسلامي لهذه الغاية العظمى عملا قويا في الانتصار للمرأة على الجاهلية الحمقى طبق سياسته التدريجية وبقدر ما تدعو الحاجة اليه. فاذا سرنا نحن على ضوء هذا الشراح نمشي نحو المثل الاعلى الذي يهدينا اليه، فما نحن في ذلك الا مؤيدون لهدي الاسلام وحقيقته السرمدية وواجدون من ذلك راحتنا في العقيدة وسعادتنا في الحياة. وهذا ما اوسعته بيانا في الكتاب مدلّلا بآيات القرآن العزيز.