عاجل/ الاحتفاظ بطبيب بهذا المستشفى وإحالته على القضاء من أجل شبهة الارتشاء    بنزرت: الاحتفاظ ب23 شخصا في قضية سرقة وتخريب بمصنع الفولاذ    هام/ تعيين مديرين عامين جديدين بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة..    بركان ينفت الذهب.. ما القصة؟    موجة حر شديدة في هذه المنطقة.. والسلطات تتدخل    الكيان الصهيوني و"تيك توك".. عداوة قد تصل إلى الحظر    بطولة كرة السلة: النتائج الكاملة لمواجهات الجولة الأخيرة من مرحلة البلاي أوف والترتيب    يُروّج للمثليّة الجنسية: سحب كتيّب من معرض الكتاب بتونس    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    شهداء وجرحى في قصف صهيوني على مدينة رفح جنوب قطاع غزة..#خبر_عاجل    ماذا يحدث في حركة الطيران بفرنسا ؟    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها على البلجيكية غريت    الترجي يطالب إدارة صن داونز بالترفيع في عدد التذاكر المخصصة لجماهيره    كأس ايطاليا: أتلانتا يتغلب على فيورينتينا ويضرب موعدا مع جوفنتوس في النهائي    اليوم: عودة الهدوء بعد تقلّبات جوّية    شهادة ملكية لدارك المسجّلة في دفتر خانة ضاعتلك...شنوا تعمل ؟    قفصة: تورط طفل قاصر في نشل هاتف جوال لتلميذ    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    كتيّب يروّج للمثلية الجنسية بمعرض تونس للكتاب..ما القصة..؟    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    الإبقاء على الإعلامية خلود المبروك والممثل القانوني ل'إي أف أم'في حالة سراح    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    "تيك توك" تتعهد بالطعن على قانون أميركي يهدد بحظرها    تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس    قيس سعيد: الإخلاص للوطن ليس شعارا يُرفع والثورة ليست مجرّد ذكرى    سعيد: لا أحد فوق القانون والذين يدّعون بأنهم ضحايا لغياب الحرية هم من أشدّ أعدائها    في معرض الكتاب .. «محمود الماطري رائد تونس الحديثة».. كتاب يكشف حقائق مغيبة من تاريخ الحركة الوطنية    القبض على شخص يعمد الى نزع أدباشه والتجاهر بالفحش أمام أحد المبيتات الجامعية..    اتحاد الفلاحة ينفي ما يروج حول وصول اسعار الاضاحي الى الفي دينار    هام/ الخطوط التونسية تغير برنامج 16 رحلة بداية من الغد    وفد من مجلس نواب الشعب يزور معرض تونس الدولي للكتاب    دوري أبطال إفريقيا: الترجي في مواجهة لصنداونز الجنوب إفريقي ...التفاصيل    هذه كلفة إنجاز الربط الكهربائي مع إيطاليا    المرسى: القبض على مروج مخدرات بمحيط إحدى المدارس الإعدادية    الليلة: طقس بارد مع تواصل الرياح القوية    عاجل/ الاحتفاظ بأحد الاطراف الرئيسية الضالعة في احداث الشغب بالمنيهلة والتضامن    QNB تونس يحسّن مؤشرات آداءه خلال سنة 2023    انتخابات الجامعة: قبول قائمتي بن تقيّة والتلمساني ورفض قائمة جليّل    رئيس الحكومة يدعو لمتابعة نتائج مشاركة تونس في اجتماعات الربيع 2024    فيديو صعود مواطنين للمترو عبر بلّور الباب المكسور: شركة نقل تونس توضّح    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    اسناد امتياز استغلال المحروقات "سيدي الكيلاني" لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية    أنس جابر تواجه السلوفاكية أنا كارولينا...متى و أين ؟    نحو المزيد تفعيل المنظومة الذكية للتصرف الآلي في ميناء رادس    المنستير: افتتاح الدورة السادسة لمهرجان تونس التراث بالمبيت الجامعي الإمام المازري    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    الناشرون يدعون إلى التمديد في فترة معرض الكتاب ويطالبون بتكثيف الحملات الدعائية لاستقطاب الزوار    السيطرة على إصابات مرض الجرب المسجلة في صفوف تلامذة المدرسة الإعدادية الفجوح والمدرسة الابتدائية ام البشنة بمعتمدية فرنانة    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    أولا وأخيرا .. الله الله الله الله    مصر: غرق حفيد داعية إسلامي مشهور في نهر النيل    بعد الجرائم المتكررة في حقه ...إذا سقطت هيبة المعلم، سقطت هيبة التعليم !    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد 55 سنة من «الجلاء الزراعي» ..بعد 55 سنة من «الجلاء الزراعي» فلاحتنا بلا استراتيجيا وأمننا الغذائي في خطر
نشر في الشروق يوم 22 - 05 - 2019

تحتفل تونس في 12 ماي من كل عام منذ سنة 1964 بذكرى الجلاء الزراعي واستقلال تونس فلاحيا بعودة ملكية كل الاراضي الى الدولة وهو ما اعتبر اهم خطوة على درب تكريس الاستقلال الحقيقي لان الفلاحة عماد الاقتصاد التونسي ووسيلته الاولى لتحقيق الثروة والترفيع في النمو وآليته للانفتاح على افاق ارحب عبر تطوير الصناعات الغذائية والسياحة البيئية فالفلاحة التونسية بحكم ثراء تربة بلادنا وتنوع نسيجها النباتي والغابي يمكن ان تشكل قاعدة صلبة لانطلاقة اقتصادية حقيقية .. فهل بعد 55 سنة تحققت اهداف الجلاء الزراعي؟ وهل كان الاجنبي نقمة على زراعتنا ام نعمة؟
هذه الاراضي، التي كانت خصبة للأسف في ما مضى، تحوّلت بمرور الزمن الى عبء على الدولة، ولم تعد قادرة على الانتاج وعلى مدّ الشعب بمستلزماته الغذائية. بل الأغرب أننا وصلنا في السنوات الاخيرة الى الاعتماد بشكل كلّي على التوريد في المواد الاساسية، وأصبحت أهم أساسيات الامن الغذائي غير متوفّرة، من حبوب وزيوت وسكريات وحتى خُضر وغلال ولحوم. وقد أشارت دراسات عديدة إلى عمق الأزمة الفلاحيّة في تونس، بدءا بتراجع المساحات المخصّصة لزراعة الحبوب وهي النشاط الفلاحي الأهمّ والأكبر في تونس من مليون و643 ألف هكتار سنة 2004 إلى مليون و100 ألف هكتار في سنة 2017، كما تراجعت مساهمة القطاع الفلاحي في الناتج المحليّ الإجمالي من 17% في تسعينيات القرن الماضي إلى 12 % فقط و11% من مجموع صادرات البلاد وفق احصائيات لاسمية صادرة عن سلطة الاشراف متمثلة في وزارة الفلاحة كما انخفض عدد العاملين في القطاع من 45 % إلى 16 % .
أمام تراجع الفلاحة بمثل تلك الصورة عجزت تونس عن تحقيق اكتفائها الذاتيّ في العديد من المواد الغذائيّة حتى الضرورية منها، مثل الحبوب التي لا تتوفّر إلا بنسبة 50% من الاحتياجات المحلية، وتصل واردات البلاد من المواد الغذائيّة 1,2 مليار دولار سنوياً، وهو ما ساهم في استفحال الميزان التجاري، ولا شيء في الأفق يوحي بإمكانية تجاوز ذلك العجز لأن التفكير في توفير الحلول يكاد يكون منعدما في ظل عزوف الشبان عن العمل في الفلاحة وتراجع المساحات الزراعية والصعوبات التي يعاني منها الفلاحون واستفحال مديونيتهم ومعاناتهم عند الصابة وهو ما يجعل أمن تونس الغذائي محل خطر داهم.
من الصعب جدا إيجاد التوصيف المناسب للفلاحة التونسية هل هي سقوية أم بعلية؟ لأنه حتى السقوي منها يعاني من شح كبير في المياه... إذ تعاني العديد من مناطق الوسط والجنوب الشرقيّ من اضطرابات على مستوى التوزيع والإمداد، وهو ما أثّر سلبا على الإنتاج الفلاحيّ السقويّ في تلك المناطق، ودفع بالعديد من الفلاحين إلى اعتماد الآبار الارتوازيّة كبديل، وهو ما يسبّب استنزافاً للمائدة المائية، ويهدّد بأزمة عطش مزمنة.
من مشاكل الفلاحة أيضا ما يسميه الخبراء ب»الأميّة الفلاحيّة» إذ تبلغ نسبة الفلاحين غير المواكبين للتطورات التكنولوجية في القطاع 46٪، وهو ما يعني أن نسبة «عصرنة» الفلاحة التونسية ضعيفة مقارنة حتى ببلدان قريبة منا أو بلدان أوضاعها مشابهة لأوضاع بلادنا، وهو ما يحدّ من القدرة التنافسية لمنتجاتنا المعوّل عليها كثيرا في العملية التصديرية ..كما عرفت الفلاحة عملية «تنفير ممنهجة» للشبان من الاستثمار فيها وهو ما حكم على عديد الضيعات المنتعشة ب»التحلل» عند وفاة المالك وتفرق السبل بالورثة لتصبح معضلة عزوف الشبان المتزايد عن ممارسة الأنشطة الفلاحيّة اكبر خطر على مستقبل فلاحتنا يهدد استدامتها إذ يمثل الفلاحون الذين تجاوزوا 60 عاما نسبة 43٪، وهي مشكلة تبيّن تأثيرها المباشر على القطاع الفلاحيّ الذي صار يشكو من نقص اليد العاملة على المستوى الكميّ والنوعيّ. والغريب أن الدولة والهياكل المعنية لم تتحرك لمعالجة هذه المعضلة رغم التنامي الكبير لعدد العاطلين عن العمل الذين يمكن استيعاب عدد كبير جدا منهم في القطاع الفلاحي بعد تلقيهم للتكوين اللازم والتمويل الضروري، فتضرب الدولة بذلك عصفورين بحجر واحد، فتنزل نسبة البطالة بصورة ملحوظة، وتضخ دماء جديدة في الفلاحة تطور من أنشطتها وتضاعف من مردوديتها.
أما اخطر الآفات المهددة للفلاحة في تونس فهي المديونية، والتي سببت تراجعا حادا في مردوديّتها لأن التكاليف في ارتفاع متواصل على مستوى اليد العاملة والأسمدة والتجهيزات الفلاحيّة والمحروقات التي ارتفعت أسعارها بشكل متسارع منذ سنة 2011، وهو ما قلّص من هامش الربح ودفع عديد الفلاحين إلى رمي المنديل والسعي إلى التخلص من أراضيهم وتغيير أنشطتهم بعد ان كبلتهم القروض.
عادل الطياري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.