قال محمود سعيد القيادي في حزب البديل التونسي إن منظومة الحكم الراهنة تفتقر للرؤيا والكفاءة التي تؤهلها لانقاذ البلاد مشددا على ان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تسير نحو الأسوأ. تونس الشروق: ونفى في حوار مع «الشروق» أي إمكانية لتحالف البديل مع الاسلاميين بعد الانتخابات القادمة محملا حركة النهضة المسؤولية في حالة الوهن التي أدركتها الدولة والتدهور الأخير للأوضاع العامة. الحوار الذي أتى أيضا على تطورات الملف الليبي وعلاقة البديل بحركة تحيا تونس بدأ بهذا السؤال؟ تواتر الحديث في الآونة الأخيرة حول إمكانية انصهار البديل التونسي في حركة تحيا تونس ما مدى صحة هذا التوجه؟ البديل التونسي مهتم في المقام الأول بشأنه الداخلي أيتدعيم هيكلته في سائر جهات البلاد وتوسيع اشعاعه لدى كافة فئات المجتمع بهدف تحقيق الفكرة المحورية التي قام عليها الحزب وهي انقاذ الدولة الوطنية التي نعتقد أننا قادرون على تجسيمها لجهة أن الحزب يعجّ بالكفاءات كما يمتلك رؤيا واضحة تستند إلى برنامج يشمل كل المحالات تم إعداده منذ نحو ثلاث سنوات. في المقابل تبقى أيدينا مفتوحة لكل مكونات العائلة الوسطية منذ اجتمعت على برنامج وطني للانقاذ هو ما يجعلنا في حالة حوار وتواصل مع عدة مكونات على غرار تحيا تونس والنداء والمشروع. وإلى أي مبررات تستند فكرة الانقاذ الوطني؟ الوضع الاقتصادي والاجتماعي يسير من سيء إلى الأسوأ وهناك اليوم تراكم لبوادر إفلاس الدولة وصلت إلى حتى ارتباك السيولة في البنوك وفرض تضييقات على المؤسسات الأجنبية حتى لا تخرج أرباحها حفاظا على قدر أدنى لاحتياطي العملة الصعبة لتأجيل انهيار الدينار التونسي بل أكثر من ذلك باتت عديد المؤسسات العمومية عاجزة على خلاص أجور أعوانها،، وهذا ما يهدد بانفجار أزمة اجتماعية خطيرة في المدى القريب على خلفية أن حيّزا هاما من النسيج الاقتصادي الخاص مرتبط عضويا بالدولة، وفي المقابل نشاهد منظومة الحكم منهمكة في الانتخابات وهنا يكمن الخطر الحقيقي فنحن إزاء نخبة حاكمة عمياء غير قادرة على استقراء ما يمكن أن يحمل غدا في الداخل أو الخارج وآخر ما يهمها هو مصلحة تونس. كيف وصلت تونس إلى هذا الحد؟ جوهر الأزمة التونسية هو استبدال دولة القانون والمؤسسات بدولة المحاصصة الحزبية التي ضربت في العمق معطى الكفاءة ومنطق الدولة التي أضعفت إلى أبعد مدى وهذا المعطى هو حجر الزاوية في سائر الأزمات التي تواجهها تونس، فأزمة الدينار واختلال المالية العمومية وموازنات الصناديق الاجتماعية هي نتاج طبيعي لضعف الدولة غير القادرة على تأمين إمدادات القط والفأر وكبح جماح الاقتصاد الموازي الذي يسيطر اليوم على أكثر من نصف العجلة الاقتصادية. ألا تعتقد أن نظام الحكم الذي كرّسه دستور 2015 لا يفرز سوى العجز في تصريف شؤون البلاد بفعل تجزئة السلطة وافراغ مكونات من محتواها؟ أنا معك فنظام الحكم الراهن هو نظام هجين يتعارض حتى مع مبدأ استقلالية السلط العمومية من خلال ما يفزه من تداخل لكن لنكن واقعيين حيث لم تتوفر إلى حد الان مؤسات دولة قوية قادرة على اختبار هذا النظام كما أنه حتى بالنظام الحالي هناك هامش مبادرة محترم لاصلاح سائر الأوضاع على الأقل من زاوية أن رئيس الجمهورية يمتلك صلاحية رئاسة مجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي الذي بإمكانه أن يتدخل في كثير من القضايا فتفشي البطالة وغلاء المعيشة وانزلاق الدينار هي من صميم الأمن في مفومه الشامل أي أنه نظريا بالامكان انقاذ البلاد بنظام الحكم الراهن.. لكن في المقابل نرى ان رئيس الجمهورية لم يضطلع بدره كرمز للدولة لأنه بالأساس يفتقر للكفاءات في باطنيته. هناك من يطرح فرضية تأجيل الانتخابات كيف تتفاعل مع هذا الطّرح؟ الفرضية قائمة لاعتبارين أساسيين هما تواصل انحدار الأوضاع العامة وما يخلّفه من احتقان شعبي متزايد وخرق مكونات الحكم من الذهاب إلى الصندوق في ظل هذا المعطى وعدم قدرتها على تقديم أي مكسب للشعب من هنا إلى موعد الانتخابات. والأخطر من ذلك فرضية أن تعيد الانتخابات رسكلة منظومة الحكم الراهنة وتقود بالتالي الشعب التونسي إلى الجوع الحقيقي في 2020 الذي سيفتح أبواب جهنم على تونس وأتمنى أن تكون الحكومة واعية بهذه الخاطر. ألا تعتقد أن كل ما يحدث في تونس يعود إلى تعمق الهوة بين الشعب ومنظومة الحكم؟ أكثر من ذلك نعتقد أن أكبر خطر أمام تونس اليوم هو انعدام الثقة في علاقة الحاكم والمحكوم أي المواطن ومؤسسات الدولة.. وهو ما يفسر التأزم الكبير للأوضاع العامة في سنة 2019 التي كان يفترض أن تكون بداية إعادة البناء وهذا يعود إلى الأنانية الكبيرة التي تخيم على النخبة الحاكمة التي جعلت الأنا فوق الحزب وهذا الأخير فوق الدولة. لم تتوضح الصورة بشأن موقف البديل التونسي بالاسلاميين؟ على العكس تماما فنحن نحمل ما يسمى الإسلام السياسي المسؤولية الكبرى في التدهور الخطير للأوضاع العامة وحالة الضعف التي طالت الدولة.. لأن النهضة هي الطرف الوحيد الموجود في الحكم بشكل فاعل منذ 2011 من هذا المنطلق وبعيدا عن كل منطق اقصائي نرى لزوما أن تبتعد هذه الأخيرة عن تسيير الشأن العام ودواليب الدولة استنادا إلى المبدأ الذي قامت عليه دولة الاستقلال وهو تحجير قيام الأحزاب على مرجعية دينية وكذلك ما أظهرته التجربة في خضم مسار التقهقر إلى الخلف الذي تعيشه تونس مند صعود الاسلاميين إلى الحكم. لكن النداء قام على ذات الفكرة ثم دخل في تحالف مع الاسلاميين؟ موقفنا واضح تماما لا سبيل للتحالف مع الاسلاميين وفي حال لم نحصل على النصاب الذي يسمح بممارسة الحكم بعد الانتخابات القادمة سنكون في صفوف المعارضة. نأتي الآن إلى الشأن الليبي الذي يشهد متغيرات متسارعة ترجح كفّة خيار الدولة.. كيف يتعامل البديل مع هذا الملف؟ هناك فعلا أشياء لا نفهمها وأساسا تواصل غلق السفارة التونسية في ليبيا وهو ما يجعل تونس دولة عمياء تجاه تطورات الوضع في هذا البلد الشقيق الذي تربطنا به علاقات تاريخية ومصالح من الوزن الثقيل، وهذا الغياب يمنع مفارقة حقيقية إن كان من المفروض أن تم إعادة اعمار ليبيا عبر تونس. غياب ديبلوماسي في ليبيا وسوريا مع برود في العلاقات مع مصر ألا ترى أن تونس لا تزال تحتكم إلى سياسة المحاور التي كرّستها الترويكا؟ ما يحدث في عدة ملفات منها العلاقات الخارجية يعود بالأساس إلى ما ذكرته منذ حين وهو عدم اضطلاع رئيس الجمهورية بدوره كاملا كرمز للدولة.