يبقى خميس الترنان المبدع الموسيقي الوحيد – الى اليوم- الذي بادرت التلفزة الوطنية بتوثيق سيرته في مسلسل تلفزيوني ' وجسد دور هذه الشخصية الفنية الفريدة الممثل المسرحي والتلفزيوني الكبير عبد القادر مقداد، وكان ذلك في بداية التسعينيات يعد خميس الترنان.. أحد الرواد الذين صنعوا مجد الاغنية التونسية، وصاغوا روائع إبداعية تونسيةاصيلة خالدة على العصور اعتبارا لانصهارها في الخصوصية التونسية والدفاع عنها دون هوادة ... والفنان خميس الترنان من مواليد سنة 1894 بمدينة بنزرت بالشمال التونسي، وهو سليل أسرة أندلسية الأصل استقرت أولا بالجزائر ثم انتقلت إلى تونس واستقرت ببنزرت حيث كانت تعرف بلقب «الغلاب» ثم «الزاوي» لتعرف فيما بعد ب«الترنان» وذلك لما عرف به أفرادها من جمال الصوت. دخل الطفل خميس مثل أبناء جيله الكتّاب لحفظ القرآن الكريم وقد كان المؤدب يختاره لإنشاد «الهمزية» أو «البردة» للشيخ البوصيري في أوائل شهر ربيع الأول بمناسبة المولد النبوي الشريف لما اشتهر به بين زملائه من حسن الصوت ورقة الأداء، وهي عادة جرى عليها أهل تونس منذ القديم ورصدت لها الأوقاف أموالا توزع ليلة المولد النبوي الشريف على المؤدبين وتلاميذ الكتاتيب القرآنية مقابل قيامهم بترديد الأناشيد. اعتنى به والده الشيخ علي الترنان وحرص على تلقينه القرآن الكريم وإعادة ذلك الحفظ ثلاث مرات وهي أيضا عادة تونسية قديمة، كما أدخله معه إلى دكان الحياكة حتى سنة 1908 التي وافقت تأسيس مدرسة ابتدائية ببنزرت، فحرص علي الترنان على الحاق ابنه بهذه المدرسة ، كما حرص على تشريكه في الحفلات الصوفيّة التي كانت تقام بضريح الولي الصالح «سيدي المسطاري» (نسبة إلى مسطار إحدى المدن الاسلامية بيوغسلافيا) مثل «المولدية» التي تعتمد إنشاد قصة مولد الرسول الأعظم (صلى اللّه عليه وسلم)، للبرزنجي و«السلامية» نسبة إلى الشيخ عبد السلام بن سليم الفيتوري دفين مدينة زليطن الليبية، ، كما شارك عمه محمد الترنان شيخ الطريقة «العيساوية» (نسبة إلى الشيخ محمد بن عيسى، دفين مكناس، بالمغرب، المتوفى سنة 933ه/1527م) في غناء أناشيد هذه الطريقة من أنواع المجرد والبراول وحتى قطع المالوف، وبذلك تكونت لخميس الترنان ملكة غنائية ميزته عن شبان الحيّ. يتبع