ينتابك أكثر من سؤال وانت ترقب في حيرة حجم طوابير السيارات المنتظرة على بوّابات محطات التزود بالوقود الاحد الماضي. كيف وصلنا الى هنا حيث تكون الاشاعة أسرع و»أصدق» من الخبر الصحيح؟ كل هؤلاء الذين يقفون في طوابير طويلة امامك حصلوا على الخبر من الميديا الاجتماعية ومن المواقع الالكترونية وتحديدا من عناوين بعض المقالات فسارعوا للنزول حفاة مسرعين نحو محطات الوقود. لهم الحق في كل هذا الخوف فما هو غير ممكن اصبح تونسيا اليوم بمعنى ان كل المفاجآت منتظرة وممكنة في زمن تكررت فيه الازمات. هؤلاء كانوا ضحايا سهلة للاخبار المزيفة المتداولة عبر الفايسبوك وهم أيضا ضحايا لطبيعة قراءة الخبر في تونس حيث يكتفي الكثيرون منّا بالتوقف عند العنوان وقد حصل ان احتج سياسيون ونقابيون على عنوان مقال ويذهبون الى القول «حرفتولي كلامي»... ما هذا؟ تلك ثقافتنا في تلقّي الخبر وهكذا نحن صرنا فريسة سهلة لميليشيات سيبرنيّة هي اخطر من كل العصابات بما انها تمتلك سلاح التهويل والتحريض والكذب. ماذا سنفعل امام كل هذا؟ نحن نراوح امكنتنا ولا نبدو مستعدين لكل هذا فلا نص قانوني يستطيع ان يجرّم عمل الميليشيات السيبرنية ولا غرف الاخبار نقيّة لدرجة التلاعب بعناوين المقالات. نحن هنا وسنظلّ نراوح امكنتنا ما لم نغيّر هذا الواقع. نحن نحتاج الى أجواء نقيّة.