تعرف خميس الترنان إلى فرق الطرب التي كانت تأتي إلى بنزرت من تونس العاصمة وتقيم حفلات تونسية وشرقية، إلى أن تعلقت همته بتعلم آلة «المندلين» ثم آلة العود الشرقي التي برع فيها، ثم أخذ يقلد الموشحات والأدوار الشرقية عن أسطوانات الشيخ سالم الكبير والشيخ يوسف المنيلاوي والقصائد والمواويل للشيخ سلامة حجازي وعبد الحي حلمي. وفيما بعد، تمكن من إقامة حفلات بأشهر مقاهي بنزرت (فريحة، الحشاني). استمر الشاب خميس في الاستجابة لهوايته الفنية بإقامة الحفلات إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى فشدّ الرّحال إلى تونس العاصمة سنة 1917 لإجراء القرعة التي تجبره على السفر إلى مرسيليا لأداء الخدمة العسكريّة ضمن الجندية الفرنسية. ولما تأخرت القرعة، وطال انتظاره بتونس واستنفد كلّ ما أتى به من مال اضطرّ إلى تقديم حفلة بمقهى «زماره» قرب نهج سيدي البشير بحي باب الجزيرة فكانت المفاجأة إذ نجح الحفل ووصلت شهرة الشاب خميس إلى القصر الملكي، فدعي لتقديم حفل ببيت الضابط محمد العيد صهر الملك محمد الناصر باي الذي تدخل لإعفاء الترنان من الخدمة العسكريّة. وفي ذلك التاريخ تعرف وتأكد الفنان خميس الترنان من أنّ زاده من الفن الشرقي لا يكفي لدخول غمار الاحتراف فاتصل بنادي صديقه عبد الرحمان المهدي وفيه تعرف إلى أبرز الفنانين بربض باب الجزيرة أمثال الهادي قمام ومحمد بن مصطفى وأحمد بلحسين وحفظ معهم جانبا من المألوف (وهو التراث التونسي الذي يرجع إلى أصل أندلسي) وتعلم العود التونسي ثم تعرف إلى الشيخ أحمد الطويلي القيرواني الذي حفظ عنه أوفر نصيب من التراث الموسيقي التونسي. وبذلك أصبح الفنان البارز في البلاد وأصبحت له فرقته الخاصة التي تتركب من أستاذه الشيخ الطويلي بآلة الطار (الدف) والشيخ أحمد بطيخ بآلة الرباب في أثناء النوبة ثمّ آلة الكمنجة بعد ذلك والشيخ محمد الزواوي بالنّقرات كما كان يسهم في أعمال الفرق الأخرى مطربا وعازفا وخاصة منها فرقة المطربة حبيبة مسيكة، التي كانت تتركب من فنانين ليبيين هاجروا إثر الاحتلال الايطالي ومن المغربي حسن بنان المصري الذي استقرّ بتونس من سنة 1908 إلى أن توفي في الستين من عمره. يتبع