عن أية حرية؟ عن أية كرامة؟ عن أية ديمقراطية؟ عن أي استقلال يتحدث أغبياء الاصلاح وأذكياء المافية والحال أن الخضر والغلال تنعم باستقلالها الشامل من بطاطتها إلى بصلها ومن دلاعها إلى قرعها ومن زعرورها إلى تفاحها ومن تينها إلى أعنابها أصبحت دولة بحالة تنعم باستقلالها الشامل وتتخذ من أسعارها بوليسها وعسكرها لنظامها الدكتاتوري المتشدّد. عن أية حقوق؟ عن أية مساواة؟ عن أي برّ أمان؟ عن أي شاطئ سلامة يتحدث ويتشدّق باعة ماء الوجه ومستثمرو الخزي والعار. والحال أن شعبنا برمته يرزح تحت نير الاستعمار الجديد المسمى أسعار وفي الأسعار «أسٌّ» و«عار» والأسّ في لسان العرب هو الإفساد بين الناس والعار هو ما نعيشه اليوم من عامة الناس يجرأ على التطاول حتى على سعر «الخبّيزة» أو الزعرور فكأنه يتطاول على المقيم العام «زمن العكري» ألم يعتنق المستهلك التونسي في نضاله الثوري نظرية «عاش من عرف قدره». إذ نراه راكعا لكل ما اخضّر أو اصفرّ أو اسودّ أو احمرّ لونه ولكل ما تكعب أو طال أو اعوجّ حجمه وشكله من معروضات السوق ركوع «عسكري كردونة» في حضرة القائد الأعلى لجيش الأسعار الماريشال البائع. عن أية ثورة؟ وعن أي خلاص من الدكتاتورية والأزلام يتحدث صعاليك قريش والحال أنهم من أسسوا دكتاتورية الأسعار وهم جعلوا الأسّ والعار في الأسعار. وهبوا لنصرة الليرة وإسقاط الدينار.