كيف سنروي لأبنائنا كل تلك القصص التي عشناها أيام الثورة؟ وكيف تجّمعنا على الاقل في تلك الأمسية حول صورة موحّدة في حساباتنا الشخصية في فايسبوك. صورة أيادي تتجمّع وتلتقي حول الراية الوطنية. وهي صورة ابتكرها ونشرها خبير الاتصال معز خدّومة. كيف سنخبرهم بكل تلك المشاعر التي اجتاحتنا ونحن نرى بن علي يغادر والمهم انه غادر بالنسبة لنا في تلك الأيام العصيبة. وكان العالم يرقبنا وكنّا نرقبه من نافذة جديدة هبّ نسيمها الدافئ في ليالينا الباردة الحزينة التي سقط فيها شهداء...مهمّشون غاضبون كانوا يطلبون "الخبز والكرامة" و"التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق". كيف سنصف لهم تلك الصورة ...صورة الآليات العسكرية التي تركّزت في مداخل المدن وكيف تدافع الناس لوضع باقات من الزهور فوق الدبّابات وأيضا كيف تدافع الناس أيضا لتقديم أطباق من اشهى الاكلات للجنود الذين هبّوا لحفظ النظام في تلك الأيام العصيبة التي خلّفت ازمة علاقة بين الامن والمواطن. كيف سنروي لهم تلك الهبّة الشعبية للدفاع عن امن البلاد لتتشكّل روابط حماية ثورة عفوية قادها "أولاد الحِوِمْ" قبل ان تنقلب الأمور ويأتي للحلبة سياسيون راغبون في السلطة دون برامج وسيطروا على كل تلك التفاصيل الجميلة التي افرزتها الثورة. كيف سنروي لهم ان كل تلك الأيام الجميلة التي قادتنا الى طريق صعب انتهى الى ترشّح نبيل القروي للرئاسية والى تحكّم الكيان الصهيوني في صفحات فايسبوكية تستهدف تونس ويصدّقها التونسي ويعيد نشر منشوراتها. نحن ننتهي الى أسوأ ممّا توقّعنا ولكنّ الثابت هو أنّ "الليل زائل...لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل...نيرون مات ولم تمت روما...بعينها تقاتل وحبوب سنبلة تجف...ستملأ الوادي سنابل" كما يقول محمود درويش. حتما هناك طريق أجمل.