ربما هي المرة الأولى في تاريخ جامعة الدول العربية والمؤتمر الإسلامي والتعاون الخليجي التي تعقد فيها ثلاث قمم متزامنة : قمة عربية وثانية خليجية وثالثة إسلامية تتزامن مع ليلة القدر وفي مكةالمكرمة، وما يحمل الزمان والمكان من رمزية في هذا الشهر الكريم. لتغطية هذه القمم تجندت 57 قناة وأكثر من 390 صحفيا، وهرول عدد كبير من الرؤساء وسارع عدد أكبر من الوزراء من كل «فج عميق» وعرفوا الطريق جيدا دون أن يضيعوا في شعاب مكة، مقابل ضياع آمال شعوبهم بخطوات عملية تتجاوز بيانات الشجب والإدانة للخروج من وضع الخضوع والخنوع والانقسام الذي بات يميز «خير أمة أخرجت للناس». وصدرت البيانات ولم تتجاوز كالعادة مرحلة الشجب والإدانة، فالبيان الختامي للقمة العربية الذي اعترض عليه العراق أكد على إدانة «الممارسات الإيرانية في المنطقة» وهجمات الحوثيين على الأراضي السعودية، في حين أدان بيان المجلس الأعلى لدول الخليج العربية الهجمات التي قامت بها الميلشيات الحوثية الإرهابية باستخدام طائرات مسيرة مفخخة استهدفت محطتي ضخ نفط في محافظتي الدوادمي وعفيف بمنطقة الرياض. أما بيان القمة الإسلامية الذي أدان وأشاد هو الآخر، فقد أكد على مركزية القضية الفلسطينيةوالقدس الشريف وحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة مستبقا بذلك الخطة الأمريكية المرتقبة للسلام، مدينا من جديد أي قرار «غير قانوني وغير مسؤول» بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، داعيا الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الدول التي نقلت سفاراتها أو فتحت مكاتب تجارية لها في القدسالمحتلة.. في الضفة الأخرى من أمتنا العربية الإسلامية الممزقة، أحيت دول عربية وإسلامية أخرى يوم القدس العالمي لتدين هي الأخرى تخلي الأمة العربية عن القضية المركزية، قضية فلسطين، وليحذر قائد حركة حماس فى غزة يحيى السنوار القادة المجتمعين في مكةالمكرمة من الانجرار وراء مسارات الرئيس الأمريكي، ويدعو حركات المقاومة الفلسطينية للاتحاد لمواجهة صفقة القرن..». صفقة القرن، وحسب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله صنعها ترامب الذي «لم يستطع حماية السعودية مما جعل ملكها يستغيث بالقمم الثلاث في مكة لحمايته وذلك دليل على فشل السعوديين وعجزهم››، حسب قوله. التهم والإدانات متبادلة من هنا وهناك، والانقسام بين الدول العربية والإسلامية يزداد اتساعا، والاصطفاف هنا وهناك يزداد وضوحا كوضوح التطبيع الذي لم تعد صفقاته تتم تحت جنح الظلام، والقمم في المشرق والمغرب وفي مكةالمكرمة وفي ليلة خير من ألف شهر لم تعد تجدي نفعا مع أمة تمزقت أوصالها، واتسعت الهوة فيها بين الحاكم والمحكوم. أمة يبيع حكامها جسدها، ويعتمرون في ليلة القدر معتقدين أنه بقممهم المنددة سيطهرون أنفسهم أمام شعوبهم وسينتصرون على أعدائهم ..بل على حلفائهم.