يُبدي التونسيون منذ سنوات مخاوف عديدة مما تعيشه البلاد بين الحين والآخر من تحركات مشبوهة على أرض الوطن لعدة أطراف وفي مختلف المجالات تُهدد سلامة السيادة الوطنية والاستقلال. وتمثل تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للدولة. تونس الشروق: جمعيات وأحزاب ومنظمات مختلفة محسوبة على أطراف أجنبية تتحرك بكل حرية على أرض الوطن. وتقدم خدمات اجتماعية للمواطنين..سفراء دول يتحركون أيضا في كل الاتجاهات ويتبادلون الزيارات مع أحزاب وسياسيين ومكونات من المجتمع المدني بكل حرية. ويقومون بزيارات ميدانية الى الجهات.. شركات منتصبة على أرض الوطن وتحوم حولها شبهات دعم أطراف سياسية أو جمعيات أو أحزاب.. وشركات أخرى أجنبية أصبحت تتدخل في الشأن الداخلي عبر عمليات سبر الآراء أو تقديم الدراسات والتحاليل حول الواقع التونسي أو من خلال دعم صفحات "فايسبوك" لها توجهات خاصة أو تخدم اجندات أجنبية او سياسية معينة.. وشخصيات دولية «مشبوهة» تزور بلادنا بين الحين والآخر وأحيانا في كنف السرية.. ودول أو أطراف دولية تُصفّي حساباتها وخصوماتها الخارجية على أرض تونس.. إلى جانب ما يروج من حين الى آخر حول تنامي نشاط الجوسسة في البلاد ونشاط أجهزة استخباراتية دولية وأيضا حول تنامي المال المشبوه على أرض الوطن وتوجيهه نحو عدة مصالح سياسية او حزبية أو لخدمة لوبيات او مافيات اقتصادية وتجارية .. توجيه الرأي العام مظاهر عديدة يعتبرها المتابعون «استباحة» للبلاد من مختلف النواحي خاصة في ظل ما أصبح يتردد عن مدى قدرة هذه الأطراف على التدخل في الشأن الداخلي عبر عدة وسائط (أحزاب – شخصيات سياسية – وجوه في السلطة- مجتمع مدني ) والتأثير على الحياة العامة من خلال ما قد تقوم به من مناورات أو ضغوطات مختلفة لتوجيه الرأي العام في المجال السياسي ودفعه الى اختيار أطراف حزبية أو سياسية معينة خلال الانتخابات أو عند التعيينات في المناصب والمسؤوليات الحساسة وفق ما يتناسب ومصالح وأجندات هذه الاطراف الاجنبية.. وكل ذلك سيجعلها حسب المختصين قادرة على التأثير على استقلالية القرار الوطني مع إمكانية تسببها في ارباك عمل السلطة أو تعطيله (على غرار ما حصل مؤخرا في قضية الشركة الاسرائيلية التي تردد أنها تحاول إرباك الانتخابات في تونس)، إلى جانب ادخال البلبلة على السلم الاجتماعي وعلى التوازنات الاقتصادية. المس من معيشة المواطن هذه التحركات من شأنها أن تمس أيضا من معيشة المواطن والحياة الاجتماعية بشكل عام وفق المحللين والخبراء وذلك خاصة عبر التحكم في أمننا الغذائي. ويكون ذلك من خلال تسهيل انتصاب البارونات والمافيات الاقتصادية والتجارية على ارض الوطن وتسهيل عمل مافيات التهريب والتصدير والتوريد المُرتبطة بطبعها مع شبكات دُولية ناشطة في مختلف المجالات لخدمة مصالح أجنبية. ومن جهة أخرى تتسبب هذه المظاهر في توجيه الرأي العام بين الحين والآخر نحو مشاغل لا تفيده في شيء مقابل تخليه عن الاهتمام بعمله وبما يهم البلاد. حيث ينساق الناس – خاصة عبر موقع فايسبوك – وراء هذه المظاهر لمتابعتها باهتمام وتنشغل بالتالي عن الاهتمام بالمشاكل الحقيقية للبلاد. فرض الرقابة والقانون لا توجد حلول عديدة للتخلص من هذه المظاهر التي أصبحت لافتة للنظرفي البلاد منذ 2011 إلا عبر تشديد المراقبة على تحركات مختلف الأطراف الاجنبية داخل أرض الوطن بما في ذلك الاطراف الرسمية وتشديد الرقابة ايضا على عمل المجتمع المدني خاصة الجمعيات المشبوهة التي تتلقى دعما أجنبيا شأنها شأن بعض الاحزاب التي تحوم حولها شبهات المال الأجنبي. كما آن الأوان ايضا لتشديد الرقابة على بعض الاطراف التي تزور من حين الى آخر بلادنا لغايات مشبوهة وتلتقي شخصيات هي الأخرى مشبوهة. وفي هذا السياق يرى كثيرون أن بعض القوانين والاجراءات باتت في حاجة الى تحيين وتطوير بعد أن اتضحت عدم قدرتها على مواكبة التطورات الحاصلة، وكذلك الشأن بالنسبة لعمل الأجهزة الرقابية والاستخباراتية عبر تطوير امكانياتها اللوجيستية والبشرية لتقوم بدورها على أحسن ما يرام. الإرادة السياسية ودور المواطن والمجتمع المدني يتطلب التصدي الحازم والناجع لكل ما يمس سيادة واستقلال الوطن من التدخل الاجنبي توفر إرادة سياسية حقيقية لدى الاطراف القائمة على السلطة لحماية البلاد من الاستباحة سواء عبر الجمعيات او الاحزاب او الدول الاجنبية ولمنع أي تدخل في سيادة القرار الوطني من أي طرف كان. أما إذا غابت هذه الارادة السياسية فإنه لا يمكن التصدي للخطر. كما أن المواطن يتحمل بدوره جانبا من المسؤولية من خلال ضرورة بذل جهد للتصدي لمثل هذه المظاهر وعدم الانسياق وراء الاغراءات المالية الأجنبية والسياسية وكذلك دور المجتمع المدني ايضا هاما في الرقابة وفضح كل ما قد يحصل من تجاوزات.