مثّل انتخاب تونس أمس بالإجماع عضوا غير دائم بمجلس الامن الدولي انتصارا ديبلوماسيا مهمّا لتعزيز موقف بلادنا على المستوى الاقليمي والدولي وكذلك عاملا لخدمة صورة تونس بين الأمم . فهذه الخطوة الايجابية التي تحققت بفضل تضحيات اجيال متلاحقة ، تعتبر في حقيقة الامر رسالة شكر وتقدير من دول العالم لبلادنا وتتويجا لسياستنا الخارجية المتوازنة والمبنية على اساس الاحترام والحياد وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفقا لما رسمه الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة ، وكذلك بفضل التضحيات الجسام التي يقوم بها رجال الديبلوماسية التونسية الذين تمكنوا من تطويع العمل الديبلوماسي لخدمة المصالح العليا للوطن . فتونس البلد الصغير جغرافيا والمتواضع على مستوى الإمكانيات الاقتصادية، أثبت امس انه بلد التسامح والاعتدال والسلام وأبهر المنتظم الاممي باحترامه للقيم الكونية السامية وهو ما جعل المجموعة الدولية تختار بلادنا بالإجماع (191 صوتا من اصل 193 ) ،وهو تشريف يثلج الصدور ويعيد الى بلادنا بريقها واشعاعها الدولي . هذا الانتصار الجديد لبلادنا والرابع في تاريخها للجلوس في مجلس الأمن كعضو غير دائم سيساهم بشكل مباشر في التعريف بصورة تونس وسيؤثر بالإيجاب على المردود السياحي وكذلك سيجشّع رؤوس الاموال الدولية على الاستثمار وتطوير الاقتصاد الوطني . ويأتي اختيار تونس كعضو غير دائم في مجلس الامن الدولي بعد اشهر قليلة من نجاح بلادنا في احتضان القمة العربية وما لعبته من دور مهم في تقريب وجهات النظر بين الاشقاء العرب ،كما يأتي هذا التتويج بعد فترة قصيرة من اختيار تونس لاحتضان القمة الفرنكوفونية وهو ما يؤكد جليا نجاح تونس في كسب احترام العالم وما تحظى به من ثقه واحترام وتقدير من قبل المجموعة الدولية . ويبدو ان تونس التي اختيرت بشكل مباشر من قبل المجموعة الافريقية والعربية سيكون على عاتقها مسؤوليات جسام لخدمة مشاكل المنطقة الافريقية والعربية في مجلس الامن خاصة وان هذه المنطقة تمر بأزمات متتالية منذ سنة 2011 على غرار ما تمر به ليبيا وسوريا واليمن ، اما الملف الاهم الذي سيكون على رأس اولويات بلادنا في مجلس الامن فحتما سيكون الملف الفلسطيني خاصة في ظل تصاعد الانتهاكات الصهيونية والمحاولات لتمرير صفقة القرن الهادفة الى الاجهاض على احلام الفلسطينيين في بناء دولتهم المنشودة . وفي العموم يبدو أن تونس كسبت رهان الفوز بمقعد غير دائم بمجلس الأمن الدولي ،لكن الاهم من ذلك هو كيفية تطويع هذا المنصب المهم و المشرّف لخدمة المصالح الوطنية والافريقية والعربية .