حصول تونس للمرة الرابعة على كرسي بمجلس الأمن له أكثر من معنى رغم «تسطيح» المشككين لهذا الشرف الدولي .. بكرسي غير دائم، استعادت تونس مكانتها الدولية لتتحمل مسؤولية تاريخية في وضع عالمي وإقليمي ساخن، دقيق وفارق..فرائحة البارود تزكم أنفاس المنطقة العربية ، والحروب الالكترونية دقت طبولها بين الحيتان الكبرى .. المسؤولية جسيمة ، والامتحان في السنتين المقبلتين لن يكون سهلا ويسيرا لدولة تستمد ثقتها من إشعاع دولي سابق أصابته «لوثة» الإكراهات الداخلية والخارجية ، فأنهكت «ديبلوماسيته» وجعلتها غير قادرة على اتخاذ موقف واضح في الخلافات والصراعات العربية التي هزت المنطقة في العشرية الأخيرة.. المقللون من هذا الشرف الدولي يتساءلون ماذا لتونس أن تفعل بكرسي غير دائم أمام روسيا، والصين، وفرنسا، بريطانيا، والولايات المتحدةالأمريكية أصحاب الكراسي الدائمة وسيف «الفيتو» المسلط على كل قرار لا يخدم مصالحهم ومصالح حلفائهم ؟ الذين يبخسون هذه المنزلة الدولية يقولون تونس كانت صامتة حين كانت خارج منطقة الضوء الأممي، فما بالك اليوم وهي على كرسي دولي وأمام مصدح عالمي وأنظار الشرق والغرب تتجه إليها ..فهل ستكون لها مواقف واضحة وحكيمة وثابتة مما يجري في فلسطينالمحتلة والقدس المغتصبة وسوريا وليبيا والسودان واليمن ..؟ المثمنون لحصولنا على عضوية غير دائمة بمجلس الأمن الدولي يستحضرون سمعة تونس الطيبة في محيطها الإقليمي ومكانتها الدولية المتميزة ومواقفها الحكيمة رغم العواصف والرمال المتحركة والإكراهات المتكررة والمتتالية .. المستبشرون بهذا الكرسي الدولي يقرون بدور الديبلوماسية التونسية التي تقفز على النيران المشتعلة وتحرص على تكريس قيم السلم والعدل والحرية والتعاون والتضامن رغم ما يحف المنطقة من خلافات انعكست على وضعنا الداخلي وأربكت صناع القرار في أكثر من مناسبة في اتخاذ القرار.. المباركون للانتخابات التي وضعت تونس على كرسي الأممالمتحدة يقولون أن بلدنا وبهذا الشرف سيحقق مكاسب دولية وإعلامية قد تساعده على تجاوز ما يعانيه من صعوبات اقتصادية داخلية قد تنعكس إيجابا على المواطن التونسي الذي تدهورت مقدرته الشرائية وضاعت مصالحه بين ثنايا النزاعات الإقليمية التي ألقت بظلالها على خياراتنا السياسية وحياتنا اليومية .. ان المواقف الدولية لها ثمنها واستتباعاتها وامتيازاتها على أصحابها، وعلى تونس أن تستغل هذا «المنبر» الدولي و«المنصة العالمية» لتفوز بمكاسب تدعم بها مكاسب انتقالها الديمقراطي المتعثر دون أن تزيغ عن المبادئ الإنسانية السامية ودفاعها اللامشروط وانحيازها للقضايا العربية العادلة وفي مقدمتها فلسطين الجريحة.. المطلوب وبعد هذا الشرف الدولي تصحيح خياراتنا الداخلية والخارجية وحشد كل الطاقات للدفاع عن ثوابت سياستنا الخارجية للرفع من منزلة بلدنا والدفاع عن مصالحه وتعزيز مكانته وتوحيد مواقفه في اتخاذ القرار الذي يثبَت هذا الشرف الخارجي الذي نلناه بأغلبية مطلقة رغم صعوبة الوضع الداخلي ..ليبقى الحكم على أدائنا الدولي رهين مواقفنا ..