جدل كبير تشهده الساحة السياسية ونحن على بعد أيام قليلة فقط من الاستحقاقات التشريعية والرئاسية.. الجدل قائم حول تعديل القانون الانتخابي..والمواقف منقسمة بين مساند ومعارض ولكل مبرراته وحججه.. التعديلات المقترحة من الحكومة وكما هو معلوم تمنع في مجملها «الترشح للانتخابات التشريعية لكل شخص أو قائمة تبين للهيئة قيامه أو استفادته خلال ال12 شهرا التي تسبق الانتخابات بأعمال يمنعها المرسوم المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، على الأحزاب السياسية أو مسيريها، أو تبين قيامه أو استفادته من الإشهار السياسي». ذات التعديلات ترفض « ترشح كل من يثبت لديها قيامه بخطاب لا يحترم النظام الديمقراطي ومبادئ الدستور والتداول السلمي للسلطة، أو يدعو للعنف والتمييز والتباغض بين المواطنين، أو يمجد سياسات الدكتاتورية وممارسات انتهاك حقوق الانسان أو يمجد الإرهاب أو يهدد النظام الجمهوري ودعائم دولة القانون». الهدف من هذه التعديلات حسب المدافعين عنها « حماية الديمقراطية من الانفلاتات والتحيل، والتلاعب بها عن طريق جمعيات أو مؤسسات إعلامية وغيرها..» في حين يرى الرافضون أن هذه التعديلات ليست إلا جبة قانونية تخاط على مقاس أشخاص بعينها لإقصائها من المشهد السياسي بل « ومؤشر خطير لعودة الديكتاتوريّة..» هذه التعديلات إن مرت وان لم تمر ، لن تخرج في تقديرنا عن خانة " اختراع القوانين الإنتخابية" التي يرى البعض انها مطلوبة في دولة تعيش مخاضا ديمقراطيا ينتظر مرحلة التشكل والتبلور النهائي ليصبح ممارسة يومية "روتينية" تجري في الوطن مجرى الدم في الأجساد ، في حين يرى البعض لآخر انها قوانين مبتكرة لضمان ديمومة الأحزاب الحاكمة في المشهد السياسي التي منحها الشعب عبر صناديق الاقتراع فرصة تاريخية لتحكم وتقنع الناخبين في الاستحقاقات المقبلة للتجديد لها. القراءة السريعة للخمس سنوات الأخيرة، تقول إن الشعب غير راض عن أداء الحكام وصناع القرار في تونس، فالمقدرة الشرائية تراجعت والطبقة الوسطى سحقت، والمشاريع التنموية تعطلت والدينار تهاوى، وقد عبر «الشعب» عن عدم رضاه بما آلت إليه الأمور من خلال الانتخابات البلدية التي بوأت القائمات المستقلة مكانة سياسية أرفع مما كنا ننتظر فضربت الجميع أحزابا حاكمة وأخرى معارضة مع بعض التفاوت. وإذا كانت الديمقراطية تعني فيما تعني حكم الشعب بالشعب، فالمطلوب الاحتكام للشعب من خلال ممثله – مجلس الشعب – المطالب اليوم في تونس وأكثر من أي وقت مضى بمراجعة المفاهيم وفحص التجارب ونقد التطبيقات وتحصين الديمقراطية الناشئة..دون الحسابات المصلحية والحزبية الضيقة، ودون التعسف في تطبيق القانون والاستغلال الفاحش لنتائج الانتخابات السابقة والتي لم تستغلها الأحزاب الفائزة- حاكمة أو معارضة -على أحسن وجه لتطوير أدائها وبرامجها التي من المفترض ان تكون جوهر التنافس في هذه الفترة بما يقنع الناخب في الاستحقاقات اللاحقة والتي لن يكون الانطلاق في قبول الترشحات فيها كافيا في حال مصادقة مجلس الشعب على التنقيحات وفق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات..