النفطي حولة: ناشط نقابي وسياسي قومي مستقل التاريخ: 11ماي 2019 سؤال مبرّر تاريخيا، طالما كانت ولا زالت الرجعية العربية هي أداة التنفيذ الرئيسية، لكل الصفقات والمعاهدات. تلك الصفقات والمعاهدات التي يشتمّ منها رائحة الخيانة والتآمر والخسّة. فمنذ محادثات الكيلومتر 101 بين السادات وكيسنجر على إثر حرب العبور المجيدة، كانت رائحة الخيانة مرّة كالعلقم. نعم منذ أن حوّل السادات حرب النصر والتحرير إلى هزيمة وتحريك، كانت رائحة الصفقات والمعاهدات النتنة والوسخة. بل والقمئة. كانت تلك النهاية المخزية، والمذلة، لحرب رمضان المجيدة، التي طبق فيها العرب قرارهم التاريخي الشجاع بحظر النفط، زمن وحدة القرار العربي ووحدة الصف العربي. وبهذا المعنى ألم تكن الرجعية العربية مكثفة في نظام السادات هي أداة التنفيذ الرئيسية لتلكم الصفقات المشبوهة، وتلكم التسويات المقبوحة؟. ألم يفتح نظام السادات الباب على مصراعيه، إلى تلكم المشاريع التسووية والخيانية؟. ألم يكن ذلك المدخل المذل، لتوالي الصفقات والمعاهدات المشبوهة؟. وفي ذات سياق الاستسلام لعتاة الرجعية العربية، ألم يكن بورقيبة من قبلها كبيرهم الذي علّمهم سحر الصفقات ومنطق التسويات؟. ألم يدعو إلى الاستسلام في عام 1965، في ظل تنامي ظاهرة المقاومة الفلسطينية والعربية. أي في العام الذي دشّنت فيه حركة فتح المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني؟. وبالتالي، وفي ذات المنحى، ألم تكن بعدها مشاريع فهد في 1982 وقمة فاس الأولى والثانية، وصولا إلى قمة بيروت، كلها مشاريع صفقات وخيانات وتسويات، لتصفية القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية؟. ولنقف في محطة قمة بيروت ونتساءل عن الدور الذي أوكل وقتها للرجعية العربية، خاصة بعد حصار بيروت وخروج المقاومة، الذي فسح المجال للعصابات الصهيونية الإرهابية بارتكاب مذبحة صبرا وشاتيلا في خريف1982 . ألم تكن قمة بيروت في عام 2002 هي التي أعطت الضوء الأخضر لتعبيد طريق التطبيع النهائي مع العدو الصهيوني؟. ألم تشكل تلك القمة بدايات ومقدمات صفقة القرن؟ ألم تحمل في أحشائها وفي أجنابها وفي كل كلمة منها مشروع ريغن القاضي بالتطبيع الكامل مقابل الانسحاب من بعض الأراضي؟.. بل مقابل حكم ذاتي فلسطيني في جزر وكانتونات القطعان المستوطنين. ألم تكن قمة بيروت عام 2002 التي تبنّت مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بشأن التطبيع الكامل للعلاقات الصهيونية العربية شريطة الانسحاب الكامل إلى حدود الرابع من حزيران جوان 1967؟. وقبل قمة بيروت، ألم تكن بدايات صفقة القرن الأولى، بعد معاهدة كامب دفيد، هي اتفاقية وادي عربة مع الأردن في عام 1994؟ . أولم تكن قبلها اتفاقية أوسلو بعد نكبة "تحرير الكويت" بالمعنى الأمريكي للمصطلح في بداية تسعينات القرن الماضي، هي تشريع لما سيأتي بعدها من تسويات خبيثة وصفقات أخبث؟. وتبعا لذلك، ألم تعبّد الرجعية العربية الطريق واسعة وسهلة ومريحة من أجل تمرير ومرور صفقة القرن منذ النكبة الأولى، باعتبارها آخر الصفقات الخيانية، ولن تكون الأخيرة، من أجل القضاء على القضية الفلسطينية والإجهاز النهائي عليها؟. وبالتالي، ألم تكن الرجعية العربية، في كل المراحل التاريخية التي مرّت ولا تزال تمر بها القضية الفلسطينية، هي السند وهي الخدم والحشم، وهي الأداة والمعول، الذي تستند إليه الامبريالية والصهيونية في تنفيذ برامجها وصفقاتها؟. وهكذا نخلص في نهاية التحليل، إلى أن أحد أهم أسباب نكباتنا ومآسينا يتمثل في عدونا الداخلي الذي يعيش معنا وبين ظهرانينا، ألا وهو النظام الرسمي العربي المتهالك. ولكن، ورغم ذلك، هل باستطاعة هذا النظام الرسمي العربي، مهما بلغ جبروته، واستقواؤه بالادارة الأمريكية وبالعدو الصهيوني وقوة الرجعية العربية، أن يمرّ لتنفيذ صفقة القرن، التي ستظل حسب رأينا، لا محالة محل صراع بين محور المقاومة ومحور المساومة ؟. وتبعا لذلك، سيكون الاستقطاب بين هذين المعسكرين. ومهما يكن من أمر فإن الأكيد والذي لا جدال فيه، أن الجماهير العربية وقواها الوطنية والتقدمية ستظل الصخرة الصلبة التي ستتحطم عليها كل الصفقات والمشاريع التسووية.