قد يحرم النداء من خوض الانتخابات التشريعية القادمة، فهذه نتيجة حتمية لطبيعة الصراع الدائر بين شقيه... صحيح أن هناك إمكانية لتجاوز الكارثة، لكننا إزاء فرضيات شبه مستحيلة فهل يكون البرلمان القادم خاليا من الحزب الفائز بالانتخابات الماضية؟. تونس (الشروق) لا يحق لنداء الحمامات بقيادة سفيان طوبال ولا لنداء المنستير بقيادة حافظ قايد السبسي تمثيل الحزب لغياب الصفة القانونية، هذا ما انتهت إليه الدائرة الإستئنافية السادسة لدى المحكمة الإدارية بعد أن طعن شق الحمامات في حكم إداري ابتدائي الدرجة كان اعترف بالصفة القانونية لشق المنستير دون شق الحمامات استنادا إل تمتع قائد الشق الأول (حافظ قايد السبسي) بصفة الممثل القانوني قبل اندلاع الخلاف بين الشقين. الحكم الاستئنافي البات وغير القابل للطعن سحب الشرعية التمثيلية من شق المنستير لكنه لم يمنحها لشق الحمامات بل منعهما معا من المشاركة في أي انتخابات بلدية جزئية لكن الأخطر يتجاوز التمثيل البلدي إلى التشريعية القادمة، فمن باب القياس سيكون الشقان المتنازعان ممنوعين من المشاركة في الانتخابات التشريعية ما لم يحل أحدهما أو كلاهما مشكلة الصفة القانونية. عمليا هناك فرضيات ثلاث لتجاوز الإشكال وتفادي الكارثة لكن ثلاثتها صعبة التحقيق إن لم نقل مستحيلة ما لم تحدث معجزة خلال المدة القصيرة التي تفصلنا عن تقديم القائمات المترشحة للتشريعية. فرضيات شبه مستحيلة تتمثل الفرضية الأولى في تدخل الحكومة لتمكن أحد الشقين من الشرعية التمثيلية دون الشق الثاني وتتمثل الثانية في توصل الشقين إلى حل توافقي ينهي الخلاف بينهما ويعيدهما إلى العمل معا تحت مظلة الحزب الواحد (حزب النداء الموحد)، فيما تتمثل الثالثة في انسحاب أحد الشقين من جبة النداء والاستعداد إلى الانتخابات بتسمية جديدة مستقلة أو بعد الاندماج في حزب آخر كأن يندمج شق الحمامات في حركة مشروع تونس. هذه الفرضيات الثلاث أقرب إلى الاستحالة فالحكومة لن تنحاز إلى أحد الشقين على حساب الآخر ولن تورط نفسها في مسألة لا تجني منها أي منفعة والحال أن السكوت والتعلل بالحياد يخرجها من أي خسارة مفترضة ويدخلها في جملة من الأرباح لعل أبسطها تفادي المنافسة في الانتخابات التشريعية. كما أن الشقين المتنازعين بلغا درجة من النفور والعداء يستحيل معهما التراجع إلى الوحدة أوانسحاب أحدهما خدمة لمصالح الطرف الآخر. سابقة مدوية السيناريو المفترض أن يواصل كل طرف تمسكه بحقه في تمثيل النداء وأن يقدم قائماته الانتخابية الخاصة به أو المشتركة مع حزب آخر وأن تحمل قائمات الشقين هوية الحزب نفسه فتضطر هيئة الانتخابات إلى رفضها وتجبر الطرفين على اللجوء إلى القضاء الإداري أسوة بما حدث في الانتخابات الأخيرة الخاصة ببلدية باردو فينتهي القضاء الإداري إلى النتيجة ذاتها ما يحرم نداء تونس (بشقيه) من خوض الانتخابات التشريعية وإدامة بقائه تحت قبة البرلمان بعد أن اكتسحته في بداية الدورة البرلمانية الحالية بما لا يقل عن 86 مقعدا. لدينا سوابق مشابهة على المستوى البرلماني، فحزب التجمع الذي كان يسيطر على البرلمان في عهد بن علي غاب عن انتخابات المجلس التأسيسي وتشريعية 2014 بعد أن حكم القضاء بحله، وحزب التكتل الذي شارك في حكومتي الترويكا لم يجمع من الأصوات في تشريعية 2014 ما يخول له البقاء في البرلمان ولكن الأمر مختلف لدى حزب النداء، فقد نعيش سابقة مدوية لو أصر الحزب الأقوى في الانتخابات الماضية على إقصاء نفسه بالعناد وتقديم المصالح الشخصية على مصلحة الحزب. مراحل مهمة في تاريخ النداء أسسه الباجي قايد السبسي يوم 6 جوان 2012. فاز بالانتخابات التشريعية سنة 2014 وحصل على 86 مقعدا. انقسمت كتلته بعد مؤتمر سوسة خلال جانفي 2016 فظهرت كتلة الحرة من رحمه وخسر مرتبته الأولى برلمانيا. انشق عنه العديد من القياديين وظهرت من صلبه عديد الأحزاب أهمها حركة مشروع تونس وبني وطني والمستقبل وأخيرا حركة تحيا تونس. حل بعد حركة النهضة في الانتخابات البلدية السنة الماضية إثر خسارة مدوية لقاعدته الانتخابية. تواصلت الانقسامات والخلافات الداخلية حتى انشطر ما تبقى من الحزب إلى قسمين أحدهما شق الحمامات بقيادة سفيان طوبال وثانيهما شق المنستير بقيادة حافظ قايد السبسي.