رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي مستعد لزيارة الامارات ومصر، موقف سياسي يؤكّد إنقلاب بوصلة الحركة بشكل لافت، إنقلاب يتزامن مع تحوّلات دوليّة كبرى ومتغيّرات إقليمية، جعلت من الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية الحلقة الأضعف في عدد من الدول بعد أن أحكموا قبضتهم على السلطة. تونس الشروق: تحوّلات كبرى تشهدها الساحة السياسية على المستوى الإقليمي والدولي، حركيّة كُبرى تنسحب على عدد من الدول منها ما يُشبه تونس من حيث بنية المشهد ومكوناته ومنها ما يختلف اختلافا جذريّا عن المشهد الوطني في مستوى الملامح او حتى في مستوى الممارسة السياسية في علاقة بمدى التقدم في التجربة الديمقراطية. تحوّلات منها الجذري ومنها النسبي، لكنها استطاعت بشكل أو بآخر تغيير الخارطة السياسية في عدد من الدول، وهو ما يطرح استفهاما جوهريّا في إمكانية إسقاط هذه التجارب على النموذج التونسي ،استنساخا ومحاكاة أو استخلاص العبر منها والاقتداء بما هو إيجابي ومحاولة تفادي كل ما يمكن أن يؤثّر سلبيا على مرحلة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها تونس حاليّا. لا يمكن الحديث عن الحركية الحاصلة على المستوى الدولي وخاصة على المستوى الإقليمي دون طرح مقاربة الأحزاب الإسلامية ودورها في المشهد السياسي حاضرا ومستقبلا، فموجة اسقاط هذه الأحزاب وانحصار دورها في عدد من الدول يجعل من طرح سؤال إنسحاب ما يحدث إقليميا يصبح أكثر الحاحا خاصة وأنّ حركة النهضة التي تتخذ من المرجعية الإسلامية أساسا فكريا لها، هي الحزب الأول في تونس من حيث التمثيلية النيابية والحزب الذي يتحكم بكل خيوط اللعبة السياسية ومفاصل السلطة. إنقلاب مواقف النهضة قيادات الحركة يبدو أنهم أصبحوا أكثر وعيا بإمكانية امتداد موجة الاصطفاف السياسي لاضعاف الإسلاميين سواء أكان الامر استجابة لمزاج عام داخلي او ارتباطا بتحولات إقليمية ودولية تاتي في سياق «الماكرو- سياسة»، فالتغيّر الجذري في توجهات الحركة والذي عبّر عنه رئيس مجلس شورى النهضة عبد الكريم الهاروني لا يمكن ان يكون الا انعكاسا طبيعيا لادراك ما يحدث على الساحة الدولية. رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني، أكّد في تصريح إعلامي أن «رئيس الحركة راشد الغنوشي مستعد لزيارة الامارات أو مصر « وأضاف الهاروني «ليس لنا إشكال مع أي دولة ورئيس الحزب مستعد لزيارة مصر أو الإمارات». موقف رئيس أكبر مؤسسة في الحركة وأكثرها ثقلا وتمثيلية ونفوذا يعتبر انقلابا جذريا في موقف النهضة التي كانت قبل أيام قليلة تنعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأبشع النعوت في علاقة بوفاة الرئيس المصري السابق محمد مرسي، إضافة إلى مشاركة عدد من أعضاء الحركة في صلاة الغائب التي أقيمت على مرسي وفي وقفات احتجاجية نُعت فيها السيسي «بالانقلابي» و»الدكتاتور « ... قيادات الحركة نعتوا دولة الامارات أيضا بالتخطيط للقيام بانقلابات في تونس، اكثر من مرة وانسجموا مع اصطفاف إقليمي شيطن الامارات والسعودية ومجّد قطروتركيا، والقول بان رئيس الحركة يمكن ان يزور الامارات يمكن اعتباره تغيّرا راديكاليا في داخل النهضة. تركيا يمكن القول بأن تغيّر موقف الحركة، غير معزول عن ما يحدث على الساحة الوطنية والدولية، فداخليّا بدات الحركة تفقد شعبيتها مثلما تعكسه بعض عمليات سبر اراء، أما على المستوى الدولي فيرتهن هذا التغيّر إلى مفاصل عديدة. في تركيا خسر حزب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدداً في إعادة انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول، أمام مرشح المعارضة رغم استعمال اردوغان لثقله الشعبي على مدى الأسابيع الماضية، واعتبر مرشح المعارضة، أكرم إمام أوغلو، أن فوزه في انتخابات رئاسة بلدية اسطنبول يشكل «بداية جديدة بالنسبة إلى تركيا».ويعتبر مراقبون للمشهد السياسي التركي أن الانتخابات البلدية في اسطنبول ليست مجرد انتخابات بلدية بل امتحانا حقيقيا لشعبية أردوغان وحزبه في وقت تواجه تركيا صعوبات اقتصادية كبيرة، حتى أن أردوغان قال مؤخرا «من يفز في اسطنبول يفز بتركيا». موريتانيا المشهد في موريتانيا لا يختلف كثيرا عن تركيا في الفترة الأخيرة، حيث أعلنت اللجنة المستقلة للانتخابات بموريتانيا فوز مرشح الأغلبية الحاكمة محمد ولد الغزواني بالجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، حيث حصل على 52% من أصوات الناخبين، وحلّ خلف ولد الغزواني(مرشّح المؤسسة العسكرية وبعض القوى المدنية ) في المرتبة الثانية بيرام ولد الداه اعبيد (ناشط جمعياتي وسياسي مناهض للرق ) بحصوله 18.58% من الأصوات، وجاء في المركز الثالث رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد بوبكر ( مرشح الإسلاميين )،بحصوله على 17.58% من الأصوات. ليبيا المشهد الليبي يُمكن اعتباره مختلفا من حيث اليات الصراع ،على تركيا وموريتانا، لكن النتيجة متقاربة مع هذين البلدين، فما يحدث مؤخرا على الأراضي الليبية وخاصة في طرابلس يدفع في سياق إنهاء فترة حُكم حكومة الوفاق الليبية المحسوبة على الإسلاميين ، فوسائل الاعلام الليبية تؤكّد ان الجيش الليبي يتقدم تدريجيا في صراعه مع حكومة السراج مع تزايد نسق التعزيزات والامدادات اللوجستية. في هذا السياق تؤكّد شعبة الاعلام الحربي التابعة للجيش الوطني الليبي الذي يقوده خليفة حفتر أن الأيام القادمة ستشهد تطورات ومستجدات على الواقع الميداني في محاور طرابلس السبعة، وسيتم حسم المعركة التي امتدت على أشهر . السودان السودان تشهد أيضا إنهاء لحكم الإسلاميين، بعد اسقاط عمر البشير أصبح الإسلاميون الحلقة الأضعف في المشهد السياسي السوداني حتى أن نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي بشير آدم رحمة شدّد على أن حزب المؤتمر الشعبي (حزب شيوعي) هو من يسيطر على الحراك الشعبي في السودان . بشير آدم رحمة شدّد في تصريح إعلامي على أن الحزب الشيوعي السوداني تمكّن من قيادة تجمع المهنيين والحراك ضد حكومة المؤتمر الوطني، وأسقط نظام عمر البشير. الغنوشي يرفض استقبال السيسي قبل أشهر، أكد رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي رفضه استقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حال مجيئه إلى تونس.وقال في تصريح إعلامي "نحن لا نرغب في ذلك، ولن أكون بين مستقبلي السيسي إذا زار تونس".