واهم من يعتقد أنه قادر على القيام بانقلاب في تونس وإحكام قبضته على كل السلطات. فبالرغم من أن التجربة الديمقراطية التونسية فتيّة. وتعاني من هشاشة واضحة إلاّ أن تونس تتوفّر على مؤسسات وطنية قادرة على إجهاض أي مخطط انقلابي. تونس «الشروق» شهدت تونس منذ سنة 2011 توزيعا جديدا للسلطة. تم بموجبه القطع مع مقاربة تجميع السلطات بيد هيكل أو شخص. وتم تفريعها الى عدد من المؤسسات . وبالرغم من اختلاف المقاربات في التعاطي مع هذا التوزيع بين من يدفع في سياق تفتيت السلطة الى درجة فقدان السيطرة على الدولة وعدم القدرة على تسييرها ،ومن يعتبر ان هذا التوزيع الجديد له إيجابيات عديدة ،وعلى رأسها منع أي شخص او مؤسسة من تجاوز نفوذه واحكام قبضته على الدولة. السلطة الرسمية وغير الرسمية يمكن الحديث عن توزيع السلطة في تونس وفق سياقين أساسيين. الأول يتعلق بالسلطة في مفهومها الرسمي والثاني يتعلق بالسلطة غير الرسمية وهي تحديدا المجتمع المدني والاعلام .. أما في ما يتعلق بالسلطة الرسمية فقد حرص المؤسسون على توزيعها بين السلطة التشريعية وهي البرلمان وتم تمكينه من ثقل هام حتى ان النظام السياسي اصبح نظاما «شبه برلماني». أما في ما يتعلق بالسلطة التنفيذية فقد تم تقسيمها بين رئاسة الحكومة وتم تمكينها من نصيب وافر من النفوذ والصلاحيات، ومؤسسة رئاسة الجمهورية التي تم اختصار صلاحياتها في السياسة الخارجية والامن والدفاع ،إضافة الى بعض التفصيلات في علاقة بالنصوص التشريعية وبالتعيينات. الهيئات الدستورية هذه السلطات،أضيفت اليها هياكل أخرى تم تمكينها من الكثير من النفوذ لاسناد تجربة الانتقال الديمقراطي التي تعيشها تونس، وعلى رأسها الهيئات الدستورية التي تم تمكينها من وظائف جوهرية لا تقل أهمية عن السلط الاصلية في تونس .. كل هذه السلطات أضيفت اليها بفعل الممارسة سلطات أخرى مثل المجتمع المدني الذي أصبح قوة فاعلة في تونس تمكّنت من تغيير بوصلة العديد من النصوص التشريعية. وأثّرت بشكل كبير في القرار الرسمي للدولة. أما الإعلام فيمكن اعتباره سلطة جوهرية فحرية التعبير التي أثّثت المشهد الإعلامي التونسي على امتداد السنوات الماضية ساهمت بشكل كبير في تفادي انحرافات ممارسة السلطة وعدّلت من سلوكها بشكل منع وقوع تجاوزات كبرى يمكن أن تهدد التجربة الديمقراطية التونسية الفتيّة. منع الانقلابات عناصر عدّة تم توفيرها لإسناد التجربة الديمقراطية التونسية، لمنع أي انحراف يمكن أن يقوّضها. عناصر تم تركيزها من قبل مؤسّس كان مسكونا بتجربة النظام السابق وان يسعى الى منع تكرارها ، لكن بالرغم من كل هذا ما زال مفهوم «الانقلاب « يغري بعض الطامعين في الوصول الى السلطة في تونس. هذا المفهوم تكرّر أكثر من مرة في الأيام الماضية في عديد السيناريوهات التي تم طرحها اعلاميّا إمّا في سياق تحليل أو نقلا عن تصريحات سياسيين. الانقلاب مصطلح يمكن أن ينتمي إلى ماضي تونس لكن لا مكان له في البيئة الحالية. فالصورة الحالية لتونس تتضمّن ،إضافة الى المؤسسات الرسمية وغير الرسمية التي تأخذ على عاتقها صون التجربة الديمقراطية التونسية توجد في تونس ركائز أساسيّة قادرة على الإطاحة بفكرة الانقلاب إمّا وهي في المهد ، أو حتى بعد محاولة تطبيقها. مؤسسات «وطنية» المؤسسة العسكرية التونسية أظهرت في عديد المحطّات أنها مؤسسة وطنية وسد منيع أمام أي محاولة تستهدف النيل من تونس، وأي طرف يحاول القيام بانقلاب ،مهما كان نفوذه سيصطدم حتما بهذه المؤسسة التي خاضت حروبا عدّة للمحافظة على تونس. وهي مستعدّة لوجستيّا وذهنيّا لخوض حروب أخرى والانتصار للمصلحة الوطنية. المؤسسة الامنية أقسم أفرادها على تقديم أرواحهم فداء للوطن، ووقفوا في مواجهة الإرهاب وكل محاولات ادخال الفوضى في تونس. وتتمتّع كل التشكيلات التي تضمّها هذه المؤسسة بالخبرة الكافية للتعاطي مع أي محاولة للإخلال بالنظام العام وقلب موازين السلطة لصالح طرف معيّن. الأمن الرئاسي الأمن الرئاسي ،مؤسسة على أعلى درجة من الكفاءة والتدريب. وهي مؤسسة تتمتع بامكانيات لوجستية شديدة الأهمية. كما تتميّز عناصرها بمستوى حرفي مُعترف به دوليّا. وأثبتت هذه المؤسسة انحيازها التام للمصلحة الوطنية ووقوفها في وجه كل الراغبين في تقويض التجربة الديمقراطية التونسية. الاتحاد العام التونسي للشغل، مؤسسة نقابية وطنية كان لها دور تاريخي في كل المسارات التي مرت بها تونس. وتلعب اليوم دورا جوهريا في المحافظة على المكتسبات الوطنية خاصة في الملف الاجتماعي والاقتصادي والحقوقي ..هذه المؤسسة لها ثقل شعبي يجعلها قادرة على إيقاف أي مسار انحرافي في مستوى الانحراف بالسلطة. انقلاب تشريعي أكّد عدد من نواب البرلمان ان ما حدث في البرلمان يوم الخميس الماضي، محاولة للقيام بانقلاب تشريعي وذلك عبر القيام بتأويل بعض فصول الدستور في سياق إعفاء الناصر من مهامه وتعيين نائبه عبد الفتاح مورو مكانه. وكان ذلك تزامنا مع الإعلان عن سوء الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.