منذ الاستقلال كانت الولايات والمدن الداخلية في أسفل الترتيب على مستوى نتائج الامتحانات الوطنية وخاصة على مستوى امتحان الباكالوريا. هذه المعادلة استمرت الآن لأكثر من ستين عاما ومع كل اعلان عن النتائج نعرف مسبقا ان القصرين وسليانة وتوزر وغيرها من المدن الداخلية ستكون في أسفل الترتيب. المشكل ان كل وزراء التربية على مدى تاريخ دولة الاستقلال يعرفون هذا المعطى وكلهم وعدوا بدراسة الأمر ووضع خطط وبرامج لانقاذ هذه الولايات من تدهور نتائجها لكن لا شيء تحقق وظلت هذه الولايات في أسفل ترتيب النجاح. لم تقتنع بعد الدولة التونسية انها هي السبب الاول والمباشر لهذه الأزمة فالجميع يعرف ان المؤسسات التربوية في المدن الداخلية تعمل دون إمكانيات ودون مدرسين مستقرين مقابل ضخ إمكانيات كبيرة في مدن وولايات أخرى. احدى الدراسات التي نشرت في سنوات سابقة بينت ان من أسباب الفشل الدراسي في الولايات الداخلية هو نقص التغذية الذي يعاني منه التلاميذ هناك اضافة الى عجز عائلاتهم عن توفير المستلزمات الدراسية وتمكين أطفالهم من الدروس الخصوصية. وزارة التربية مسؤولة عن هذا الفرق الشاسع في النتائج بين ولايات الجمهورية وتتحمل المسؤولية الأخلاقية تجاه التلاميذ الفاشلين وعائلاتهم ومن واجبها اليوم ان تصلح الخطأ وان تتحرك لانقاذ الولايات الداخلية من هذا الوضع وان تصحح المعادلة. من حق الولايات الداخلية ان تقطع مع الفشل وان تحقق نتائج جيدة في الامتحانات الوطنية. الدراسات التي ستنجزها وزارة التربية لفهم الظاهرة ستستغرق سنوات ولن يكون لها أثر مثل كل الدراسات التي انجزت في كل العهود السابقة المطلوب الآن حلول ناجعة وسريعة وفعّالة لانقاذ الموقف وتمكين الولايات الداخلية من حقها في النجاح. الدولة تتحمل المسؤولية كاملة في توفير نفس الظروف ونفس الفرص لكل التونسيين في كل الولايات حتى يكون النجاح هو القاعدة والفشل هو الاستثناء.