تونس «الشروق» استعادت الدولة عافيتها، بعد فترة قصيرة من شك شعبي وارتباك رسمي، دفع إلى بروز استفهامات عديدة حول مدى صمود مؤسسات السلطة امام الازمات التي تزامنت وتواترت بشكل لافت. أياما قليلة بعد ان عاشت تونس لخبطة شعبية ورسمية، بلغت حد مناقشة ملف الفراغ في منصب رئيس الجمهورية بعد الازمة الصحية التي تعرض لها رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، وامتد النقاش الى تكييف الشغور ان كان مؤقتا او دائما، بالتوازي مع عمليات إرهابية حاولت ضرب الاستقرار وإشاعة الفوضى والتوتّر. ساعات ثقيلة كل هذا تزامن مع حديث عن مرض رئيس البرلمان محمد الناصر وهو ما فتح الباب أمام تأويلات أخرى، باعتباره الشخصية الوحيدة التي يمكنها الدستور من خلافة رئيس الجمهورية في صورة حدوث فراغ دائم في منصب رئيس الجمهورية . معطيات عديدة تقاطعت وتوازت في ساعات كانت ثقيلة جدا على الشعب التونسي. مؤشرات عديدة أثثت ساعات من الشك والانتظار، أراد من حاول الدفع في سياق وطني متازم، زعزعة الامن وارباك الدولة، لكن التعافي وعودة السير العادي لدواليب الدولة لم يدم سوى فترة قصيرة، فبعد خروج رئيس الجمهورية من المستشفى العسكري بدأت الاوتار تتعدّل تدريجيا إلى حين تعافي الدولة بشكل تام، خاصة بعد الانتصارات التي حققتها المؤسسة الأمنية على الإرهاب. أزمة الشك أولى مؤشرات التعافي كانت بامضاء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على الامر المتعلق بدعوة الناخبين للانتخابات التشريعية والرئاسية، لينهي كليّا أزمة الشك في اجراء الانتخابات في موعدها ويُثبّت الاجال الرسمية التي اقترحتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ فترة. إمضاء رئيس الجمهورية كان محل شك منذ فترة خاصة بعد الازمة الصحية التي مر مؤخّرا، لكن السبسي خيّر تحمّل مسؤولياته الوطنية وقرّر الامضاء، كما أمضى الرئيس على قرار حالة الطوارئ لتعود تونس الى هذه الحالة بعد ان انتهت فترة التمديد يوم الخميس الماضي، وبهذا التوقيع أنهى السبسي الجدل القائم حول التعاطي الأمني مع الإرهاب والتهريب والعديد من الظواهر السلبية في غياب اطار قانوني لتنفيذ الطوارئ . توقيع ومنشور وضع السبسي بامضائه الأول تونس رسميا في المسار الانتخابي وبالتوقيع الثاني أطّر التعاطي الأمني مع الوضع العام، في حين دفع رئس الحكومة يوسف الشاهد بمنشور شديد الأهمية في علاقة بمنع «أي شخص غير مكشوف الوجه» من الدخول الى المؤسسات والمنشآت العمومية، وتم توجيه هذا المنشور الى الوزراء وكتّاب الدولة والولاّة ورؤساء الجماعات المحلية. المنشور دعا إلى "اتخاذ الإجراءات الضرورية قصد منع أي شخص غير مكشوف الوجه من دخول مقرات الهياكل العمومية".وحثّ الشاهد على الحرص على تطبيق أحكام هذا المنشور وتعميمه على الهياكل العمومية وإسداء التعليمات اللازمة لإحكام تنفيذ مقتضياته والتقيد بها. جاهزية الدولة قرار رئيس الحكومة يتزامن مع محاولة أحد الإرهابيين التخفي عبر ارتداء النقاب للهروب من العناصر الأمنية، ويمكن ان يكون هذا القرار مدفوعا بوجود معطيات أمنية تؤكّد إمكانية استعمال النقاب في عمليات أخرى. حدثان تفصلهما ساعات قليلة، أكّدا أن الدولة التونسية قائمة و على أتم الاستعداد للتعاطي مع كل المستجدات سواء كانت امنية أو تشريعية، إضافة الى الالتزام بتعهداتها خاصة في مستوى الالتزام بمواعيد الانتخابات التشريعية والرئاسية . البرلمان الحركية الرسمية التي تشهدها الدولة في مستوى السلطة التنفيذية، تتزامن أيضا مع حركية يشهدها البرلمان، بعد ان عاد الى سيره الطبيعي سواء عبر اشراف رئيسه محمد الناصر على سير اشغاله او أحد نائبيه عبد الفتاح مورو وفوزية بن فضة، وطرحت المؤسسة التشريعية على نفسها التعجيل بالتصويت على أعضاء المحكمة الدستورية إضافة الى تمرير نصوص تشريعية هامة. رزنامة الانتخابات أمضى رئيس الجمهورية دعوة الناخبين التي تضمنت تنصيصا على رزنامة الانتخابات كما حددتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهي: الانتخابات التشريعية يوم الاحد 6 أكتوبر 2019 وبالنسبة الى التونسيين بالخارج أيام الجمعة والسبت 4 و 5 أكتوبر 2019. يوم الاقتراع للدورة الأولى للانتخابات الرئاسية داخل الجمهورية يوم الاحد 17 نوفمبر 2019 وبالنسبة للتونسيين بالخارج يوم الجمعة والسبت والأحد 15 و 16 و 17 نوفمبر 2019 في صورة اجراء دورة ثانية للانتخابات الرئاسية خلال الأسبوعين التاليين للإعلان عن النتاج النهائية للدورة الأولى، تتولى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ضبط المواعيد المتعلقة بالدورة الثانية للانتخابات الرئاسية بقرار يصدر فور التصريح بالنتائج النهائية للدورة الأولى.