تدفع كل المؤشرات الى أنّ الأسبوعين القادمين لن يكونا كسابقيهما، بل سيشهدان تسارعا في الأحداث وسط انتظارات واسعة تهم مشاغل مهمة جدا على علاقة بالمناخ الانتخابي والمشهد السياسي عموما وسط ارتفاع منسوب التجاذب والصراع بين أكثر من جهة أو أكثر من طرف وعلى أكثر من مستوى ومجال. كثيرة هي الأحداث المنتظرة والتي تجذب اليها الانظار ذات الصِّلة بالحراك السياسي واعادة تشكّل المشهد السياسي والحزبي والاستعداد للانتخابات المقررة خلال الأسبوع الأول من شهر أكتوبر القادم. الآن، وعاجلا، هناك على الأقل ثلاثة مسائل على غاية من الأهميّة، وهي: 1 - تنقيحات القانون الانتخابي مصير التنقيحات المتعلقة بالقانون الانتخابي والتي اقرها مجلس النواب، كيف سيكون رد الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين على الطعون المقدمة من أكثر من خمسين نائبا، ثم كيف سيتعاطى رئيس الجمهورية مع رأي او قرار الهيئة، هل سيمضي الرئيس على التنقيحات قريبا حتى تكون جاهزة للتطبيق بداية من يوم 22 جويلية الجاري موعد بداية تقديم الترشحات أم سيدفع بالتنقيحات الى مجلس النواب من أجل قراءة ثانية أم سيطلب اجراء استفتاء حولها. هذا مسار أوّل مليء بالتشويق والانتظارات ولا أحد يعلم الآن تحديدا أي السيناريوهات الأقرب الى الحدوث في ظل تجاذب خفي غير معلن بين أكثر من طرف وضبابيّة العلاقة بين مكوّنات سياسية فاعلة داخل السلطة وخارجها. 2 - المحكمة الدستوريّة الأمر الثاني متعلق بالمحكمة الدستوريّة، وهو أمر شائك في ظل غياب توافقات بين جميع الكتل البرلمانية حول المرشحين وتزايد التباعد بينها الى الدرجة التي صرّح فيها بعض النواب باستحالة تركيز المحكمة قبل الانتخابات القادمة على الرغم ممّا في ذلك من تهديد لكامل مستقبل التجربة الديمقراطية والمسار الانتخابي الأساسي في ظل غياب مرتكز أساسي نص عليه الدستور ويحتكم اليه الجميع ألا وهو المحكمة الدستوريّة موضوع التنازع والتجاذب الحالي، علما وأنّ الكثيرين نبهوا الى خطورة اجراء الانتخابات القادمة دون الانتهاء من تركيز المحكمة المذكورة بالنظر لدورها المحوري في تثبيت عناصر الشفافيّة والنزاهة على المنافسة الانتخابية ومصداقية السلطة التنفيذية والتشريعية المقبلة. 3 - تشكيل القائمات الانتخابية هذا أيضا مسار معقّد وينطوي على معضلات كثيرة نتيجة حرب التموقع والمصالح والنفوذ داخل غالبية الأحزاب، سيان في ذلك بين من اختار انتخاب أعضاء القائمات الانتخابية أو نهج منطق التعيين والانتقاء والإملاء الفوقي، فعلى الأرجح أنّ الاحزاب ستعيش معارك طاحنة خلال الأسبوعين القادمين على خلفية ضرورة الانتهاء من أمر القائمات قبل يوم 22 جويلية، فضغط الوقت سيضاعف من الرهان وسيضيف مشاكل اضافية للكثير من الأحزاب، كما أنّ نفس الوضع المرتقب سيزيد في رفع اسهم المستقلين والتيارات الشعبويّة التي ستجد في النزاعات الحزبيّة مجالا لها من أجل احتلال مواقع اضافية في المشهد الانتخابي. أسبوعان، ليس أكثر، وسيكون هناك الكثير من الوضوح وستحسم هذه المسائل الشائكة وسيكون المشهد في صورة أفضل ممّا عليه الآن من حيث تقييم درجة تناغم مؤسّسات الحكم وقياس نجاعة السلطة التشريعية ومعرفة مدى تماسك الائتلاف الحاكم والهياكل الحزبيّة عموما. دونما شكّ فإنّ الطبقة السياسية بجميع مكوناتها مدعوة الى الكثير من الحكمة والمرونة وتغليب الحكمة في معالجة القضايا الماثلة، على صعوبتها وتعقيداتها، وانتهاج لغة التعقل والتهدئة في الخطاب بعيدا عن كل المشاحنات الزائدة والمكابرة والمغالبة العدديّة حتى تتخطّى بلادنا بسلام هذه المحطة الساخنة بأكثر دفء وأكثر توافق وتناغم ووحدة وطنية.