الحمامات (الشروق) احتضن مسرح الهواء الطلق بالحمامات، مساء أول أمس الأربعاء 17 جويلية 2019، في إطار فعاليات الدورة 55 لمهرجان الحمامات الدولي، عرضا لمسرحية "مملكة الذهب" للمسرحي حسين المحنوش. رغم الإقبال الضعيف على مسرح الهواء الطلق بالحمامات ليلة الاربعاء الماضي كان تفاعل الحاضرين مع العرض المقدم، "مملكة الذهب" للمخرج والكاتب المسرحي حسين المحنوش ، كبيرا حيث ظل الجمهور حاضرا طيلة العرض الذي تواصل لمدة ساعتي زمن تقريبا، وما شد الانتباه في الجمهور وتفاعله، هو أنه لم يغادر العرض وظل يتابع هذه المسرحية الكلاسيكية الناطقة باللغة العربية الفصحى. مسرحية "مملكة الذهب"، كتب نصها المسرحي حسين المحنوش سنة 1982، وبقي تجسيدها على الركح بمثابة الحلم، إلى غاية سنة 2019 لتقدم أول أمس على ركح مسرح الحمامات، لأنها تتطلب إمكانيات مادية كبيرة لإنتاجها، وهو ما صرّح به المحنوش نفسه، حين أكد أيضا أن المسرحية أنتجت بشق الأنفس، وهذا معقول لأنها جمعت على الركح 23 ممثلا وراقصا، جسدوا مختلف المشاهد المسرحية والكوريغرافية للعمل. مسرحية "مملكة الذهب"، مسرحية كلاسيكية، رسالتها واضحة، لا تتحمل التأويل، فقط هناك دعوة صريحة، للاعتماد على الذات سواء بالنسب للشعوب العربية، أو بالنسبة للحكومات، والابتعاد عن التبعية، وذلك من خلال قصة ملك لم يعد قادرا على الاستجابة لحاجيات رعيته فاستنجد بدجالي القصر حين طلب منهم استدعاء الجان وإقناعه بتحويل كل ما يحيط بالمملكة الى ذهب خالص. وفي الاثناء يصدر هذا الملك أوامر و"فرامانات" مجحفة على الشعب ويسلط دكتاتوريته وقمعه للأراء المختلفة، تلبية لمطالب الجان مما يثير احتقان الرعية ويدفع بالبعض منهم الى الدعوة الى التفكير في حلول أخرى تخرجهم من الفقر والجوع وخاصة العطش، حيث يمنعهم من تجسيد فكرة أحد مثقفي المملكة، ببناء سدّ لتجميع المياه، كحل جذري لما أصاب البلاد من قحط وعطش، وفي الأخير قام الشبان بثورة وشيدوا بسواعدهم هذا السد، في إشارة واضحة إلى أنه متى أرادت الشعوب أن تبني حاضرها ومستقبلها بسواعد أبنائها واعتماد على ذواتهم البشرية، يمّحي المستحيل. بين جشع الملك ودجل السحرة وطموح الشباب والمواطنين الصالحين تتراوح المشاهد المسرحية تتخللها لوحات راقصة وأخرى تعبيرية يرافقها صوت الراوي الذي يحيل على صوت الحكمة والتعقل في زمن ضاعت فيه قيم العمل والاجتهاد وحلت محلها مظاهر مجتمعية منحطة كالسحر والشعوذة والبحث عن المال اليسير بشتى الطرق، تضعك المسرحية أمام حتميتين إما الاعتماد على الذات وإما التبعية للآخر المتسلط أو التبعية للشعوذة والدجل.