ود قرار بعث نواة الجيش إلى مؤتمر الحزب الحر الدستوري التونسي إلى نوفمبر 1955 بصفاقس حيث صادق المؤتمرون بالإجماع على لائحة تطالب بإحداث قوة عمومية تكون نواة لجيش وطني تساعد على تحقيق الهدوء واستتباب الأمن والسلام بأرض الوطن، وكانت الحاجة ملحة لبعث قواة مسلّحة استجابة لمتطلبات الظروف الأمنية واستكمالا للسيادة الوطنية إذ كان يتعيّن على الدولة الفتية تأمين حدودها الغربية لمنع ملاحقة القوات الفرنسية للمجاهدين الجزائريين داخل التراب التونسي واستكمال تحرير البلاد بإجلاء القوات الفرنسية المرابطة بالجنوب التونسيوبنزرت. وحاولت فرنسا ربط تكوين الجيش الوطني التونسي بإمضاء معاهدة دفاع مشترك وتلكأت في إعادة بناء الجيش الوطني التونسي خشية أن يؤدي ذلك إلى تصفية الوجود العسكري الفرنسي بتونس وخاصة في بنزرت القاعدة الاستراتيجية التي تمكن من مراقبة مضيق صقلية وتوفير الإمدادات لضرب الثورة الجزائرية، فقدان القاعدة سيحرم فرنسا من السيطرة على مسلك تهريب الأسلحة الآتية للثوار الجزائريين من الشرق والحد من عمل القوات الفرنسية برّا وبحرا وجوا، يضاف إلى ذلك أهمية تونس ضمن المنظومة الدفاعية لحلف شمال الأطلسي مثلها مثل حلف بغداد لمواجهة «الخطر» أو «التهديد» السوفياتي بعد أن أصبح الوجود السوفياتي هاما في الشرق الأوسط وخاصة في مصر والدور الذي يمكن أن تلعبه تونس في مواجهة المد القومي العربي من مصر الناصرية. وأفضت المفاوضات بين الجانبين التونسي والفرنسي إلى تضمين بروتوكول الاستقلال التام الموقع يوم 20 مارس 1956 اعتراف فرنسا باستقلال تونس، وما يترتب عنه من تكوين جيش وطني تونسي»، وبينما كانت السلطات الفرنسية تتلكأ أعلنت الحكومة التونسية على لسان رئيس حكومتها الزعيم الخالد الحبيب بورقيبة في ماي 1956، أن جلاء القوات الفرنسية عن كامل التراب التونسي أمر لا بد منه لأن السيادة الوطنية لا تحتمل وجود قوات أجنبية بالبلاد وأنه يريد جيشا يختلف تماما عن الجيش الفرنسي له تجهيزاته الخاصة تضمن له استقلالية العمل والحركة». وبعد أخذ ورد وتجاذبات شتى، لم يعد أمام فرنسا سوى الاعتراف بالأمر الواقع والاستجابة للشروط التونسية وفتح الطريق لبناء النواة الأولى للجيش التونسي في استقلالية تامة. ومنذ 15 جوان 1956 تم الشروع في إعداد النواة الأولى لهذا الجيش وتمت عملية تشكيل النواة الأولى في مدة 5 أيام من 18 إلى 23 جوان 1956 وأمكن يوم 24 جوان القيام بأول استعراض ناجح في ظروف مشرفة جدا أمام حشود جماهيرية وحضور رسمي هام.