للطبقة السياسية في تونس أن تختلف في ما بينها... فالاختلاف هو محرّك الحياة السياسية، إن شئنا الحديث عن مسار ديمقراطي وتداول على السلطة بل وصراع على الحكم. كل هذا جائز ومطلوب... لكن أمرا واحدا يعدّ خطّا أحمر والتناظُر فيه، أو العنادُ حوله يعدّ مرفوضا: الأمن... الأمن الوطني للبلاد... فهذا خطّ أحمر لا يحتمل التّنابز به. إذ كل صراع يكون أمن البلاد موضوعه، يصبح ضربا من التخوين، وضربا من ضروب الاستهتار والاستخفاف والهرولة نحو المجهول. أن تخترق طائرة حربية التراب التونسي، فهذا أمر يهمّ السلطات مجتمعة والأسلاك مجتمعة أمنية أو عسكرية... وبالتالي فإن البحث عن الحقيقة في هذا المضمار لا بدّ وأن تكون ضمن نواميس رعاية الأمن الوطني للبلاد. وحده أمن البلاد غير خاضع للمحاصصة الحزبية، وغير خاضع للقسمة بين السلطات، إذا أصيب جزء من الجسد الخارطة للبلاد، فإن كافة الأحزاب وكافة السلطات، تتنادى من أجل موقف موحّد ورؤية واحدة... ما حدث في تونس أمس الأول، هو تنبيه لمن يهمّه الأمر وهنا كل البلاد يهمها الأمر وهو تذكير لكل هؤلاء، بأن الحرب المستعِرة في ليبيا، هي حرب بين ظهرانينا، تؤثر في بلادنا وتتأثر تونس بتداعياتها. ما حدث أمس الأول يطرح عديد الاحتمالات والفرضيات، قد تكون الطبقة السياسية وهي تنشغل بالسّجال الانتخابي، قد تكون على غير وعي بها. إن تونس ليست بمنأى عن الذي يحدث في ليبيا ليس من حيث الجغرافيا والجوار فقط، وإنما من حيث الموقع الجغرافي السياسي لمنطقتنا، والذي أصبح مغريا و«جاذبا» لصراعات إقليمية ودولية مفضوحة. إن المعطى الأمني للبلاد التونسية لا يخضع الى مزايدات انتخابية، ولا يمكن أن يكون موضوع سجال تنافسي حول كراسي التشريعية وكرسي الرئاسة... رئاسة الجمهورية. فقد شهدنا مهرولين... وبعضا من المستهترين الذين يريدون أن يدلوا بدلائهم في كل شيء يهم الشأن العام السياسي والأمني... وهذا غير متوفر... ولا يمكن أن يكون... رغم هذا، فإن توضيحا واخبارا من الجهات الرسمية مطلوبان في إبّانهما من أجل القطع مع الأخبار المزيّفة Fake News والقطع أيضا مع الاشاعة، التي لا يمكن كبح جماح أصحابها المهرولين، الذين لا يفقهون أين تبدأ وتنتهي حدود الأمن الوطني.