حسب إحصائيات قنصلية تعود الى سنة 2015، يبلغ عدد التونسيين المقيمين بالخارج 1282371 مواطن. وللأسف لا يعود سنويا منهم الى أرض الوطن الا نصف مليون مقيم وفي طليعة أسباب هذا العزوف غلاء تذاكر الطيران والتعطيلات الجمركية والادارية... تونس الشروق/ «قضاء أسبوع بإسبانيا او تركيا او اليونان وحتى السيشال والمالديف يتكلف نصف ثمن الاقامة لنفس المدة في تونس»، هذا ما أسر لي به صديق مقيم بمدينة ليون الفرنسية كنت سألته عن عدم عودته خلال هذه الصائفة الى ارض الوطن. وامثال صديقي هذا يعدون بمئات الالاف من التونسيين الذين يقيمون في مختلف بلدان العالم. وقلّ وندر ان عادوا دوريا الى تونس. والاسباب عديدة وفي طليعتها الارتفاع الكبير في تذاكر السفر سواء بالباخرة او بالطائرة خاصة بالنسبة للعائلات. وفي اطار حملة قام بها الموقع المتخصص في شؤون الجالية التونسية بالخارج تهدف الى تحسيس الحكومة بهذه القضية، تلقى الموقع مئات الدعوات المطالبة بالتخفيض في سعر تذاكر السفر الى تونس لتتوج هذه الحملة برسالة مفتوحة تم ارسالها الى السيد رئيس الحكومة جاء فيها « آلاف التونسيين بالخارج ينتظرون بفارغ الصبر هذه الصائفة ليتمكنوا من الاحتفال والاستمتاع بعيد الأضحى وسط العائلة نظراً الى أن البعض منهم لم يحتفل بالعيد في تونس وسط العائلة منذ أكثر من 15 عاماً وبما أن أسعار تذاكر الطيران هذه السنة مشطة، فإن عديد التونسيين لن يحظوا بهذه الفرصة. والغريب في الأمر أن سعر التذكرة إلى تونس يتساوى هذه الصائفة مع سعر تذكرة رحلة طويلة إلى نيو يورك أو تايلندا والدليل على ذلك أن سعر التذكرة حالياً لسفرة (ذهاب - إياب ) إلى تونس من فرنسا أو ألمانيا يساوي تقريباً 550 يورو ، 850 يورو من الشرق الأوسط وحوالي 1000 يورو من كندا وبالتالي أصبح السفر إلى تونس بذخاً لا يقدر عليه عديد التونسيين بالخارج الذين هم في الأغلب عائلات ضعيفة ومتوسطة الدخل أو طلبة». وأكد الموقع ان «هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، ولكن المسؤولين يتعمدون اتباع سياسة النعامة رافضين إيجاد حلول طبقت ونجحت في بلدانٍ أخرى. ومن بين أسباب ارتفاع هذه الأسعار، استراتيجية شركة الطيران Tunisair التي تختار خصيصاً المواسم الصيفية للترفيع في سعر التذاكر عوضاً عن التشجيع على السفر نحو تونس. ورغم أن المقاعد المتوفرة على طائرات شركة الخطوط التونسية غير كافية لتغطية طلبات التونسيين بالخارج خصوصاً في المواسم الصيفية، إلا أن الناقلة الوطنية تحجز كل سنة مقاعد لوكالات الأسفار على حساب حاجيات التونسيين بالخارج. وهذا ما يجعل المقاعد المخصصة للرحلات الفردية أقل عددا. وهكذا توفر الناقلة الوطنية نفس التذاكر لوكالات الأسفار والتونسيين بالخارج ولكن بأسعارٍ متفاوتة (250 يورو لوكالات الأسفار و-550 يورو للتونسيين ). وتساءل الموقع « هل هذه السياسة تشجع على توطيد علاقة التونسيين بالخارج ببلدهم الذي يحتاج إليهم (بما أنهم يمثلون مداخيل هامة من العملة الصعبة تقدر بأكثر من 1,3 مليار يورو )؟ وللتوضيح، التونسيون بالخارج لا يطلبون إلا توفير التذاكر بأسعار معقولة و- تضمن ربح شركة الطيران ، حتى يتمكنوا من زيارة اقاربهم. ومن بين المطالب المشروعة ، المئات من المواطنين التونسيين بالخارج يطالبون بتعويض عن التذاكر التي اقتنوها في صائفة 2015 من شركة سيفاكس للطيران دون استغلالها ونعلمكم أن مئات آلاف التونسيين ينتظرون حلولاً لهذه الوضعية، وأن الوقت لم يفت بعد لسماعهم». تعطيلات ورشاوى... لا يكاد يمر صيف حتى تتلقى جريدة "الشروق" مئات المكالمات بل هناك من يتكبد عناء التنقل من داخل الجمهورية الى مكاتبنا للإبلاغ عما تعرض له من تجاوزات تصل الى حد دفع رشوة لقضاء مصالح ادارية ما. من ذلك ما تعرض له المقيم بألمانيا حاتم العبيدي الذي كشف أن « ظاهرة الرشوة دمرت العديد من المهاجرين التونسيين»، مؤكدا ان «بعض أعوان الامن والديوانة، يطالبون بالرشوة بصفة علنية»، معتبرا أن «مثل هذه الممارسات تسيء الى تونس أولا وتضايق التونسيين المقيمين بالخارج» مضيفا ان « التونسيين المقيمين بالخارج يتعرضون الى الكثير من الظلم عند عودتهم عبر الموانئ. إذ ان اغلب محتويات حقائبهم تفتك من قبل اعوان الامن والديوانة بتعلة انه يمنع دخولها وفي المقابل اذا ما دفعت رشوة فإن تلك المحتويات تمر بصفة طبيعية». وجاء في شهادة لمواطن يدعى فخري عياد كان ادلى بها الى اذاعة جهوية خاصة أنه « فور وصوله الى مطار تونسقرطاج تّم تفتيش حقائبه حيث طلب منه العون رشوة قائلا له « افرح بينا», مشيرا الى أن « الحقائب تحمل بعض الملابس الجاهزة والملابس النسائية التي اقتناها من الصولد بفرنسا». ومضيفا « قدمت 115 أورو كرشوة لعون الديوانة فرفضها وطلب مبلغ أكبر». وفي لقاء انتظم بمكتب الجبهة الشعبية بمدينة شالون الفرنسية يوم 14 ماي 2017، تبين ان « عددا هائلا من بين التونسيين بالخارج عادة ما يترددون في العودة الى تونس تحت عدّة ضغوط اقتصادية واجتماعية. التّردّد والعزوف عن العودة يطال أساسا الجيل الثاني والثالث بنسبة أكثر حتى أنهم باتوا يرغبون في قضاء عطلهم ببلدان أخرى عدا بلادهم. المسألة لا تتعلق بقضية اختيارات شخصية مزاجيّة أو من قبيل حبّ الاطّلاع وإنما متّصلة مباشرة بإشكالات مرتبطة بصعوبات حقيقية عند التّوجّه إلى تونس. وبداية هذه الإشكالات هي سوء المعاملة». وفي رصد لمواقف الجالية تأكد ان « سوء المعاملة المقصود به مباشرة هو المرفق العمومي التونسي وأساسا الديوانة من مظاهر ذلك، سلوك التعالي والحقرة والتظاهر بالغلظة والخشونة وكأنهم يريدون إبلاغ رسالة تعالي غريبة، لأنها مليئة بالألغاز ومنها لغز الإيحاء بأنّ السلطة بين أيدينا ونتصرف بها كما نريد». وجاء في عديد الشهادات ان « سوء المعاملة يطال طريقة طلب الوثائق والنظرة واستعمال الإشارات التي تُعتبر مستفزّة رغم طابعها الشكلي عند البعض. ولكن تراها الأغلبية أنها نوع من قلّة الاحترام ومنافية لضوابط الاستقبال». وجاء في هذه الشهادات التي رصدها موقع «صوت الشعب « اجماع الحضور بخصوص قضية الرشوة عند عودتهم إلى تونس خاصة عبر البحر». حيث ذكر العديد من التونسيين المقيمين بالخارج أنّ « لحظة نزولهم من "البطّو" هي لحظة عسيرة ينسى فيها الجميع فرحة العودة ليستقر مكانه الشعور بالخوف والقلق. إنه بالفعل أمر محيّر ولا يصدّق. ليس لديهم أيّ ممنوع. ولكن في نفس الوقت لهم قناعة بأنّ كلّ ما عادوا به مخزّنا في السيارة أو غيرها هو ممنوع إلى حين أن يُعلمهم الديواني أنه بإمكانهم مواصلة الطريق».