بلغ عدد القائمات المترشحة الى تشريعية 2019 حوالي 1600 قائمة يشارك فيها حوالي ستة عشر ألف مترشح وهو رقم قياسي قد يكون في العالم وليس في الوطن العربي فقط في بلاد لا يتجاوز فيها عدد القواعد الانتخابية 7 ملايين تونسي! ورغم أن ارتفاع عدد المشاركين في الانتخابات كمترشحين هو ظاهرة صحية في الأصل لأنه يكشف عن وعي عميق بأهمية المشاركة في الشأن العام إلا أن الحالة التونسية ليست كذلك. فقبل غلق باب الترشٌحات يوم الاثنين الماضي لم يكن لأغلب الأحزاب والمستقلين أي حضور في المشهد السياسي. وتم جمع هذه القائمات في أغلب الحالات في ظرف وجيز من أجل تسجيل الحضور. وربما يصادف الحظ البعض للصعود الى البرلمان دون أي أحقية ولا رؤية سياسية ولا التزام إيديولوجي. وهي الظاهرة الغريبة التي تترجمها السياحة الحزبية في مجلس نواب الشعب. فكثافة القائمات الانتخابية ستترتب عنها حالة من تشتت الأصوات. وقد لا يحصل أي حزب أو ائتلاف على الكتلة التي تؤهله لتشكيل الحكومة لنجد مجلس النواب من الفتات. وبالتالي ستعيش تونس حالة من الانسداد السياسي قد يترتب عنها حل مجلس نواب الشعب وإعادة الانتخابات خلال أشهر قليلة ! فما تعيشه تونس اليوم من تشتت للقائمات الانتخابية بنسبة تتجاوز حجم القاعدة الانتخابية هو في الحقيقة أقرب الى الفوضى التي تؤكد أن الديمقراطية لا يمكن أن تكون مجرد شعارات أو مجرد وصفة جاهزة من الخارج أو إملاءات. فالمواطنة الشرط الأول للمشاركة في الشأن العام. وهذا ما زالت تفتقراليه تونس التي تعيش حالة ديمقراطية استثنائية تحتاج الى الكثير من المراجعة في مستوى النظام الانتخابي ومقاييس الترشٌح للانتخابات بعيدا عن تصفية الحسابات السياسية مثلما أراد أن يفعل الائتلاف الحاكم . فمراجعة النظام الانتخابي أكثر من ضرورية حتى لا تتشتت الأصوات وتصبح الديمقراطية سببا في إنتاج برلمان كسيح ومشلول !