بعدم خضوعها لأهواء الاحزاب السياسية، وتثبيتها للمواعيد الانتخابية في آجالها المعلنة ،برهنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على إلمامها التام بالمسؤولية التاريخية المحمولة عليها والمتعلقة بإنجاح العملية الانتخابية وباحترام الآجال الدستورية في آن واحد. هيئة الانتخابات تصرفت بمسؤولية عالية رغم ضيق الوقت، ودون تردد صاغت روزنامة مواعيد الرئاسية السابقة لأوانها بعيد سويعات عن وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي الذي كان حريصا على استقلاليتها وعدم التدخل في عملها كما أكدت ذلك الهيئة نفسها. وتفاعلا مع الروزنامة الانتخابية تعالت أصوات المحتجين، بين من نادى بتزامن الاستحقاقين الانتخابيين، ومن طالب بتأخير الانتخابات التشريعية، ومن دعا الى تغيير موعد الانتخابات الرئاسية غير أن هيئة الانتخابات كان لها صوت العقل الذي ألجم الرغبات الحزبية والأهواء من خلال تثبيت المواعيد الانتخابية والمبادرة بنشرها في الرائد الرسمي. الهيئة -من خلال ممارستها سلطتها الترتيبية- لم تمض في قرار تثبيت المواعيد الانتخابية من منطلق مبدإ المرور بالقوة. بل أوضح رئيسها ومختلف اعضائها لشركائهم من الاحزاب و منظمات المجتمع المدني أن في القرار حكمة تتصل أولا باحترام الاجال الدستورية وثانيا بضمان استمرار المسارات الانتخابية. كما حددت لاحقا وثالثا بالرأي العام الدولي الذي يراقب مرحلة الانتقال الديمقراطي عن كثب. ولم تكتف الهيئة بذلك فحسب. بل قدمت حلولا عملية لاختصار آجال النزاع الانتخابي قصد احترام الاجال الدستورية على غرار لفت النظر لتعديل القانون الانتخابي وتوحيد الطعون. وهي حلول في أصل الاشياء معهودة للاحزاب السياسية التي كان لزاما عليها الاسهام في استنباط الحلول لا مجرد الاحتجاج والصياح عاليا. وان كان الرأي الموضوعي يناصر هيئة الانتخابات في كل تحمل لافت للمسؤوليات الجسام والتي تفرز مؤشرات ايجابية ومطمئنة بشأن الادارة الانتخابية، فإن هذا لا يعفيها من بعض المؤاخذات. حيث يتوجب عليها في هذا الظرف الاستثنائي مزيد التنسيق مع مختلف المؤسسات التي هي في النهاية تسهل أعمالها ومن ضمنها وزارتا التربية والدفاع.