وتونس تعيش هذه الأيام على وقع إحياء اليوم العالمي للمرأة الافريقية، هن بحسب منظمات، 32 الف عاملة وطالبة يعشن في تونس وتختلف ظروفهن من وضعية الى أخرى. تونس (الشروق) أينما وليت وجهك سيقع نظرك حتما على مواطنة افريقية تقاسمك وسيلة النقل او الطابور في مراكز البريد ومقعد الدراسة وكذلك ستجدها حاضرة كعاملة في حضائر البناء والمطاعم والمزارع الفلاحية. وشرف لتونس ان تفتح حدودها لبنات القارة السمراء وهي التي أعطت اسمها لإفريقيا. ليبقى السؤال المطروح هو ذلك المتعلق بظروف إقامة وعمل هذه الجالية التي تعد حسب ارقام كانت أوردتها منظمات في تقاريرها 32 الف مواطنة أفريقية يعشن على التراب التونسي. وحسب تقرير كان صدر سنة 2018 وانجزه المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية، يبلغ عدد الافارقة المقيمين بتونس بشكل قانوني ما يناهز ال 62 الف مهاجر من بينهم 5000 طالب. فيما تقدر منظمات حقوقية تونسية عددهم ب 250 ألفا. ويقيم معظمهم دون وثائق إقامة. وقدم جلهم الى تونس كسياح على ان الواقع يقول بأن تونس بالنسبة الى أغلبهم ليست الا منطقة عبور باتجاه اوروبا. فاطمة (احتراما لوضعيتها من ناحية الإقامة بتونس، خيرنا التكتم عن لقبها) وهي مهاجرة من الكوت دي فوار تشتغل في دكان لبيع السمك بأنها قدمت الى تونس عن طريق شقيقها الذي بعث لها بتذكرة الطائرة. ووفر لها السكن مع مجموعة أخرى من المهاجرات الافريقيات. وعن ظروف إقامتها بتونس، أضافت انها اودعت ملفا للحصول على شهادة إقامة. ولكن الإجراءات في تونس معقدة جدا. ويكفي ان يغير صاحب العمل رأيه في أي لحظة ليتم ترحيل طالب الإقامة. وفي علاقتها بالتونسيين، قالت فاطمة إنها تشعر في بعض الأحيان بالندم لقدومها الى تونس بسبب النظرات العنصرية وردود بعض الحرفاء خاصة النساء اللواتي يبرزن امتعاضهن عندما تناولهن طلبياتهن من السمك مضيفة انه حدث ذات مرة أن امتنع تونسي عن الصعود الى سيارة النقل الجماعي لأنه كان سيشاركها نفس المقعد. وفي مستوى الأجر، قالت فاطمة إنها متأكدة انها تتقاضى أجرة اقل من تلك التي كان سيتحصل عليها تونسي لو أدى نفس العمل. سفيرات وان كانت هذه هي ظروف المهاجرات العاملات المقيمات بتونس فإن افريقيات أخريات تحولن الى عنوان للتألق. ونعني بذلك الطالبات والإطارات العليا. فعلى المستوى الدراسي، هن 2850 طالبة يدرسن بمختلف الجامعات التونسية الحكومية والخاصة. وفي المقابل، هن ما يقارب المائة إطار سام ينحدرن من مختلف الدول الأفريقية ويعملن بتونس سواء في سفارات بلدانهن أو في المنظمات الدولية التي لها فروع بتونس كمنظمة التغذية والزراعة والأمم المتحدة والبنك الأفريقي. وقد لا يعلم بعض التونسيين أن هذه الإطارات السامية الافريقية تتحكم في بعض الأحيان في ملفات تتعلق بالتعاون الدولي ودون موافقتهن قد لا تحصل تونس على هذه الاعانة أو القرض وحتى اتفاقيات في تكوين إطارات الدولة بالخارج. أفريقيا، قد نتباهى في تونس بالمكاسب التي تحققت للمرأة. ولكن هل تعلم أن دولة الملاوي هي ثاني دولة افريقية تولت رئاستها امرأة وهي جويس باندا التي تم انتخابها في سنة 2012 كرئيسة للبلاد. وقبلها تولت ايلان دجونسون رئاسة دولة ليبيريا فيما تقلدت روزا روقموباي منصب الرئيس المؤقت لدولة الغابون بعد وفاة الرئيس عمر بانغو. وعلى المستوى الدولي، تقلدت المرأة الافريقية مواقع متقدمة في الهيئات الدولية المختلفة ومن بينها رئيسة المحكمة الجنائية الدولية فاتوبنصودا وتنحدر من دولة قامبيا. وهل تعلم أيضا أن الجنوب افريقية نيوكولوكوتعد من المائة شخصية النافذة في العالم. وهي التي تدير وتسير عملاق الفولاذ والزنك ارسيلور ميتال فيما تعد الزمبية دامبيزومايا ثاني شخصية نافذة في البنك الدولي. نضالات ومعاناة تقول الباحثة دينا العشري «يختلف دور المرأة في قارة أفريقيا من دولة الى أخرى أو من منطقة الى أخرى حسب العادات والتقاليد أو التاريخ أوالثقافة أوالدين، الخاص بتلك الدولة، أوالمنطقة. فدور المرأة في دول شمال أفريقيا يختلف عن شرق وغرب أفريقيا وكذلك عن وسط وجنوب أفريقيا، وإن كانت المرأة في مضمونها وكيانها واحدة لا تتغير» مضيفة « تتميز المرأة في دول شمال أفريقيا بدورها المؤثر في الحياة الاجتماعية وكذلك السياسية. بل يكون وجودها بارزا وتمنح فرصا أكثر من الرجل الا وضعها وحقوقها داخل المجتمع لا يزال يتأرجح بين ما تمنحه الشريعة الإسلامية وبين ما تمنحه الحقوق المدنية العلمانية المتوفرة وفق القانون. ولا يختلف دور المرأة ووضعها في شرق أفريقيا كثيرا عن دورها في دول الشمال الأفريقي، حيث نجد أن المرأة الأثيوبية مثلا تواجه الصعوبات الجسدية طوال حياتها، نظرًا لقسوة الأرض والطقس في أثيوبيا. حيث تتحمل المرأة لكون الاعتماد عليها بالدرجة الأولى في تكوين العائلة المشقة في حمل المواد الثقيلة لمسافات طويلة على ظهرها، لعدم توفر وسائل مواصلات مناسبة، وكذلك القيام بطحن الذرة يدويًا، والعمل في المنزل، وفي المزارع بالإضافة الى تربية الأطفال، والطبخ. ونتيجة للضغوط المستمرة على المرأة في منطقة وسط أفريقيا وخاصة في الكاميرون نجد أن بعض النساء من جماعة الأندلوفي الكاميرون تقوم بإقرار عقوبات ضد الرجال الذين يرتكبون أعمال عنف ضد النساء، فحينما تتعرض المرأة للضرر تطلق صيحات معينة. وتردد النساء ذات الصيحات وراءها، ويتركن كل شيء ويذهبن إليه أويكون جسرا، ويذهبن إلى مكان وجوده ويبدأن في الغناء والرقص، مرددين الصيحات المنددة بذلك الرجل، وفي يوم العقاب تلبس النساء ملابس الرجال ويمسحن وجوههن ويغطين أجسادهن بورق الشجر.. ويسرن في تظاهرة لمنزل الجاني ويقذفنه بأنواع من الثمار الضارة حتى يعود اليها الحق».