يعيش بيننا تونسيون لا يجدون الطريق الى البحر في هذا الحر بسبب البعد الجغرافي أولا وبسبب انعدام الإمكانيات ثانيا. بعضهم وخاصة كبارهم قد يموتون دون أن يتعرّفوا على البحر وأطفالهم يعرفون البحر عبر شاشات التليفزيون. هذا ليس ضربا من الخرافة او الشعبوية في الحديث عن أحوال الناس. بل هو أمر واقع يعيش عليه الآلاف من بيننا. يعيش بيننا أيضا مهمشّون وجياع وعطاشى لا يجدون الطريق الى الحياة بسبب دولة لا تكترث بمواطنيها في المناطق النائية والبعيدة. وفي تلك المناطق الناس يعرفون الدولة عبر سيارتين اثنتين: الأولى «كرهبة الحرس» والثانية «كرهبة الضو» (سيارة شركة الكهرباء والغاز). هؤلاء هم الزاد الانتخابي الذي يراهن عليه المترشح للرئاسة نبيل القروي والذي فهم لوحده أنّ هؤلاء هم خزّان انتخابي يهمله الجميع وتنساه الدولة. ويعيش بيننا تونسيون لا صلة بين ضلوعهم بالدولة. فتم استقطاب بعضهم ليحمل السلاح في وجه الدولة. ويقبع الأغلبية في زواياهم ينتظرون فرصتهم للانتقام ممن وضعوهم في أدراج النسيان وقد تحدث تقرير امريكي عمّن توجهوا الى الجبال ليقول إنها حركة انتقامية ثائرة أكثر ممّا هي التزام بعقيدة متطرفة. لا تقولوا إن هؤلاء مسؤولون أيضا عن أوضاعهم فالمحيط القاسي ليس باستطاعته أن ينتج سوى انسان قاس وناقم وجاهز للانفعال. وعن موقع هؤلاء في البرامج الانتخابية نسأل ايّ مكانة لهم في برنامج المترشحين للرئاسية واي مكانة لهم في برامج المترشحين للتشريعية؟