حفل آخر يوثق فيه بوشناق رفعة مستواه الفني أداء ومضمونا وعدم مساومته في المكانة الفنية التي يحتلها مثلما وثّق أن الجمهور لا يخذل مثل هذه القامات الفنية من خلال حضور غص به مسرح الهواء الطلق" سيدي الظاهر" مساء الخميس في إطار الدورة ال61 لمهرجان سوسة الدولي . (الشروق) مكتب الساحل صعد بوشناق الركح في الساعة العاشرة و 25 دقيقة بعد مقطوعة موسيقية عزفتها فرقة موسيقية متكونة من 14 من العازفين المخضرمين ومن صوتين رجاليين في الكورال مقطوعة عرّفت بالقيمة الفنية المتميزة لهذه الفرقة بقيادة الموسيقي المبدع عبد الحكيم بلقايد والتي أدت باقتدار 14 أغنية في مختلف الأنماط الموشح،والسميع ،والقصيد،والموال وأغان في مواضيع مختلفة إلى حد منتصف الليل و27 دقيقة، الساعة الأولى اختار بوشناق أن يقدم فيها ما "يجب أن يقدم" منها أغنيتان جديدتان ،معلقا ومستدرجا الجماهير التي كانت تطالبه بأغانيه المستهلكة. وكان في كل مرة يتوجه إليهم بالقول "اصبروا ما زلنا انسخنو توة ما دخلناش في الحفلة خليني شايخ معاكم ". فبدأ بأغنية "عجبي" ،ثم أغنية"حبيتك تمنيتك"،وتلتها أغنية قال إنه أول مرة يقدمها بعنوان "يا صياد الطيور" لأحمد فؤاد نجم ومن تلحين عبد الحكيم بلقايد ،كانت قد قدمت سابقا من طرف مطربين وملحنين آخرين. وتلتها أغنية "نغني لنحيا"، ثم أغنية جديدة أخرى بعنوان "سهولفلسطين" وأكّد فيها وفاءه للقضية قائلا "تحية لفلسطين فلسطين عربية وستبقى عربية والنصر آت بإذن الله". وتلتها فقرة الأغاني المعروفة والمستهلكة التي انطلقت في الساعة الحادية عشرة و38دقيقة وتوجه في مفتتحها إلى الجمهور قائلا "توة باش نبداو..نعرفكم راني ..". وانطلق في أغاني :"غدرني الزمان"،"مازال"، "التونسية"،"نساية"،"ريتك ما نعرف وين"،"إنتشمسي"،"كي يضيق بيك الدهر"،"العين الي ما تشوفكشي".وهي أغان عكست طاقة رهيبة وكبيرة من بوشناق وميزة نادرة. وهي حسن تمرير الجديد من أغانيه لتصبح كأنها معروفة في ظل قدرته على تحفيظ الجمهور لهذه الأغاني إلى جانب ميزته في التعامل مع جمهوره والتي رسخت علاقة حميمية بينه وبين مختلف الشرائح العمرية. حيث جاء المسن والشاب والكهل وكان بوشناق يخاطبهم بصفة مباشرة وعن طريق كلمات أغانيه والآهات والمعزوفات ومن الكلمات التي كان يعيدها " حوتة، يا ميمتي أووهعليّ.." ويحفز الجمهور على الغناء ،ويقوده ويوجهه ويتحكم في درجات التفاعل حريص على تقريب كلمات ما يغني ...رقص تمايل انتشى حد التسلطن وجعل المسرح يتمايل حد التخمر كان مايسترو الجمهور الذي جعل منهم في عدة أغان كورال استمد منهم شحنة لم يجعل بوشناق يحسب في توزيع طاقته فكان عطاؤه غزيرا على الركح استمتع وأمتع دون ابتذال ولا سطحية بل بعمق الكلمات ونقاوة الألحان فكان العرض ليس مجرد حفل بل درس في الفن المتكامل. وبقدر ما اتسم بوشناق بالهدوء وطول النفس على الركح توتر عندما سألته "الشروق" خلال الندوة الصحفية عن رأيه في التعامل مع المواهب الفنية الشبابية. فأكّد أنه لا يصد أي شاب. وأبوابه مفتوحة للجميع ويساعدهم دون مقابل. وعندما ذكرنا له كمثال فنانة شابة إسمها أحلام حمدي كانت قد اتصلت ب"الشروق" منذ شهرين. وأسمعتنا مضمون مكالمة بينها وبين بوشناق طلبت منه أن تسمعه صوتها ويمكنها من الظهور معه في أغنية إن أمكن. ولكنه عاملها بغلظة. وصدها في استخفاف واحتقار حسب قولها مضيفة أن ما حز في نفسها ليس رفضه لأنه محق في ذلك. ولكن طريقة تعامله. فاستنكر بوشناق ذلك. وقال بأنه لا يعرف هذه الفتاة. ولم يحصل ذلك. ولكن بعد الندوة قال إنه تذكرها. وقد صعدت معه في إحدى الحفلات. وأضاف بوشناق قائلا "هي التي أصرّت على الظهور معي. وفي كل الحالات لا يمكن لأي كان أن يقترح الغناء على الركح دون أي تحضير أو لقاء فني يجمعنا. ما معنى أن تصعد معي على الركح فهل الركح لعبة ؟ والمشكلة التي تعاني منها البلاد أننا قتلنا "المْعَلَّمْ" لم يعد هناك وجود للمعلّم في كل الميادين. فمن يولد اليوم يحقّر من له تجربة السنين فتراجعت قيم الاحترام وتقدير الكفاءات ..."وردا على سؤال يتعلق بمدى توظيفه ميزته في القدرة على تمرير الأغاني الجديدة للجمهور وهل كان من الممكن أن تكون بأكثر عدد ممكن خاصة في أجواء المهرجانات فأجاب " الحركة الثقافية في البلاد غير مستقرة. فتارة تصعد إلى الأقصى وطورا إلى الأدنى. فلايمكن لي القيام بذلك في ظل هذه السياسة الثقافية فأنا ألتقي جمهوري في مختلف الولايات بصفة غير متواترة وغير منتظمة. ورغم ذلك عندما أصعد على أي ركح أحرص على تقديم الجديد والتنويع في الأنماط والمحافظة على مكانة بنيتها طوال أربعين سنة "فلم آت الى الركح باش انحفّلها أو أغني أي شيء، فأغني حد أن شراييني وكأنها ستتمزق" لا أحضر من أجل المال بل من أجل الجمهور كل العرض كأنه آخر عرض في حياتي الى درجة أني أشعر بخوف ورهبة قبل كل حفل فالمسرح والجمهور بالنسبة لي مقدسان".