عيد الاضحى مناسبة للتمعن في معاني التضحية والتكافل الاجتماعي، وهو مناسبة للتقوى والتفكّر في المعاني الكبيرة وللرسائل الكثيرة التي هدفت إلى الارتقاء بالسلوك البشري وتهذيبه وصولا إلى تحقيق مجتمع متكافل ومتضامن. والعيد هو أيضا مناسبة للمّ شمل الأسر ولإذكاء الروابط الأسرية وصلة الرحم في زمن صارت فيه مناسبات اجتماع أفراد الأسرة قليلة ونادرة نتيجة الظروف المهنية والاجتماعية المفروضة على الجميع. لكن العيد بالنسبة لبعض التونسيين هو بعيد كل البعد عن هذه المفاهيم والمعاني، العيد بالنسبة إليهم مناسبة لاحتساء الخمور وللعربدة وإظهار خوائهم الروحي وضعف إيمانهم في مناسبة يفترض أن تستفزّهم إلى مراجعة النفس والاقتراب من الخالق بدل الانخراط في سلوكات لا تزيد إلا في إثقال موازين مقترفيها بالذنوب والآثام وابعادهم عن طريق الايمان الصافي.. والمتابع لسلوك آلاف التونسيين يوم السبت يوم الوقفة الكبرى بعرفة، يوم الدعاء والتضرع إلى اللّه وهم يتهافتون على متاجر بيع الخمور ويتكدّسون في طوابير طويلة للتزوّد من أم الخبائث لا يملك إلا أن يرق لحال هؤلاء. فما الذي يجمع بين مناسبة إيمانية مثل عيد الاضحى يفترض أن يستعد لها الناس بالصيام والدعاء وبالسعي إلى الحسنات وبين التهافت على التزود بالمشروبات الكحولية مع ما يتبع ذلك من منكرات ومن تكديس للذنوب وللسيئات. قد يقول البعض ان ذلك يدخل في باب الحرية الشخصية. ليكن. ولكن الحرية الشخصية لا تبيح التعدّي على كل الحرمات بما فيها حرمة مناسبة دينية مقدسة يفترض أن يعود فيها الانسان إلى خالقه.. ويفترض أن يستتر فيها العاصي ولا يظهر عربدته.. حتى لا يتعدى على حرمات غيره وحتى لا نعود ونسأل من أين يأتينا الغلو والتطرف لأنه ببساطة يأتينا من مثل هذا التطرف في الميوعة والانحلال.